توقيت القاهرة المحلي 09:42:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين تسترد الدولة هيبتها

  مصر اليوم -

حين تسترد الدولة هيبتها

فاروق جويدة

بعد ثلاث سنوات من الغياب يمكن ان نقول الآن ان هيبة الدولة المصرية قد عادت الي مسارها واصبحت قادرة ان تحمي شعبا وتنقذ امة من الفوضي والفتن والمصير المجهول‏..‏ عادت الدولة المصرية بجيشها وشرطتها وشعبها بمختلف التيارات فيه تضع اقدامها ولأول مرة علي طريق آمن نحو بناء المستقبل. كان موقف الجيش المصري في استفتاء الدستور سلوكا راقيا ورفيعا في التعامل والانضباط والتوحد مع الشعب.. وكانت الشرطة المصرية غاية في الالتزام والحرص علي أداء المسئولية بأفضل الوسائل والأساليب.. وكان الشعب المصري في احسن حالاته ولاء وانتماء وعاد الي صورته الأصيلة في الترابط والتكاتف وتحمل المسئولية.. كانت المرأة المصرية رائعة في حضورها شامخة في تضحياتها.. وخرج رموز الأجيال القديمة يعيدون صورة الولاء الجميل والحب الصادق وانتشر شباب مصر في اللجان وهم يحلمون بغد جميل يعيد لهذا الوطن دوره ومكانته وحرصه علي كرامة ابنائه.. توقفت كثيرا امام الاستفتاء حول الدستور وانا اري مصر تلملم جراحها وتحضن شهداءها وتقدم للعالم للمرة الثالثة في اقل من ثلاثة اعوام صورة إنسان متحضر وشعب راق وامة تستحق ان تأخذ مكانتها بين الشعوب. سوف يتحدث الكثيرون عن الاستفتاء والدستور وهذه الملحمة الرائعة التي توحد فيها جيش مصر وامنه مع الشعب في لحظة تاريخية لم تكن مجرد تصويت علي وثيقة ولكنها كانت وقفة نودع فيها زمنا ونستقبل زمنا آخر. ان المطلوب الآن منا كشعب وحكومة ان نتجه بأبصارنا الي المستقبل وليس معني ذلك ان نطوي حسابات الماضي لأننا لن نفعل ذلك ولا نستطيع فهناك قضايا وجرائم في حق هذا الشعب لا يمكن ان تسقط بالتقادم.. امامنا الآن مستقبل يجب ان نرســـم ملامحه وتفاصيله وماذا نحن فاعـــلون فــيه. كنت ومازلت ضد مقولة تدعي ان مصر دولة فقيرة وكنت اتعجب من هؤلاء الذين يتحدثون عن فقر مصر وكنت اعتقد ان الأولي بالحديث ان نذكر ثراء مصر وليس فقرها ان الفقر الذي نعاني منه ظاهرة مرضية وجريمة ارتكبها البعض في حق هذا الوطن, والمطلوب الآن عملية تطهير شاملة لإزالة الشوائب والمستنقعات وتلال القمامة التي تراكمت في النفوس زمنا طويلا.. من يقول ان مصر دولة فقيرة سوف اضع امامه بعض ما فيها من مصادر الثروة, ولعل الدولة المصرية الجديدة ان تضع هذه المصادر في قائمة اهتماماتها وهي تبحث عن خلاص لهذا الشعب.. امامي مجموعة مشروعات جاهزة ولن تحتاج الي جهد او وقت لأنها واضحة المعالم ولعلي لا اضيف جديدا وانا اتحدث عنها. < من يقول ان مصر دولة فقيرة وامامنا مشروع مثل قناة السويس سواء قيمتها التاريخية والاقتصادية وموقعها الدولي او مستقبل التنمية الذي بدأ الحديث عنه وقررت الدولة ملياري جنيه للدراسات والأبحاث والشركات والمؤسسات الدولية التي ستضع تصورا لهذا المشروع.. ان قناة السويس وحدها دولة بكل امكانياتها, وقد استعرضت هذا المشروع في مقال سابق ولدي المسئولين في الدولة الآن تصور كامل عن هذه المعجزة الاقتصادية التي يمكن ان تحقق للمصريين إذا صدقت النوايا دخلا لم يتحقق لهم في يوم من الأيام. < امامنا مشروع تنمية سيناء وكل وثائق هذا المشروع لدي الحكومة ابتداء باستصلاح500 الف فدان علي مياه ترعة السلام وانتهاء بإنشاء4000 قرية نموذجية تستوعب ثلاثة ملايين مواطن وبعد ان حسم الجيش المصري معركته مع الإرهاب اصبح من الضروري ان تبدأ رحلة البناء في سيناء. < امامنا مساحات مذهلة من الأراضي الخالية التي سكنتها الألغام في العلمين وكان ومازال من حقنا ان نطالب دول الحلفاء والمحور بتطهير هذه الأراضي التي حرمتنا الألغام من زراعتها واستثمارها وامام حكومات لم تدرك مسئوليتها بقيت هذه الخرائب تهدد حياة المصريين وحرمتهم من500 الف فدان قابلة للزراعة.. و3.5 مليون فدان للرعي وكميات مهولة من البترول والغاز والثروات الطبيعية.. ان دول اوروبا التي غرست هذه الألغام في بلادنا مطالبة اولا بتقديم خرائط عنها.. وتقديم الدعم الفني لإزالتها.. وتمويل عمليات تطهير هذه المساحات الرهيبة من الألغام في الصحراء المصرية.. لا بد من احياء هذا المشروع والبحث في كنوز هذه الصحاري بعد تطهيرها وهذا يحتاج الي حكومة قوية قادرة علي فرض مطالبها العادلة علي الدول والحكومات التي زرعت هذه الألغام. < امامنا مشروع توشكي وقد انفقت عليه الدولة حتي الآن اكثر من6 مليارات جنيه ويكفي ان محطة رفع المياه وحدها تكلفت1.5 مليار جنيه وكان ينبغي حسب دراسات المشروع ان تتم زراعة500 الف فدان بصفة مبدئية ولا احد يعلم الآن شيئا عن هذا المشروع وماذا يجري فيه وهل هي مليارات ألقيناها في الصحراء ولم نعد نعرف عنها شيئا ام هو الارتجال الذي اضاع ثروات هذا الشعب وبدد موارده ولماذا لم نستكمل مشروع توشكي رغم المبالغ الرهيبة التي انفقناها عليه. < امامنا وفي هذا السياق ايضا مشروع تنمية الوادي الجديد وهناك ارتباط وثيق بينه وبين توشكي ومنطقة العلمين ويمكن دراسة العلاقة بين المشروعات الثلاثة وفيها منخفض القطارة وفوسفات ابو طرطور والبترول واسراره الغامضة وقبل هذا كله بحار المياه الجوفية التي اهملناها زمنا طويلا. < امامنا بترول وغاز البحر المتوسط الذي سطت عليه إسرائيل في غفلة منا واصبحت الآن تصدر الغاز ولديها فائض كبير وبدأت في مد خطوط الإنتاج والتصدير رغم ان هذا الغاز يقع في مناطق قريبة جدا من المياه الإقليمية المصرية ولكن لا احد يهتم ولا احد يستجيب. هل يعقل بعد هذا كله ان يعيش90 مليون مصري علي مساحة5% فقط من دولة مساحتها مليون كيلو مربع.. والي متي سنظل محشورين في هذه المساحة الضيقة بفقرها وزحامها واتربتها وتلوثها ومشاكلها الإنسانية والاجتماعية.. اين نحن من هذه المشروعات وإذا كانت العلمين توفر500 الف فدان للزراعة و500 الف اخري في سيناء و500 الف ثالثة في توشكي و500 الف رابعة في مشروع تنمية قناة السويس فنحن امام مليوني فدان جاهزة للزراعة وهي تغطي كل احتياجات مصر من القمح والمواد الغذائية ولكن من يفكر ومن ينتج ومن يسعي الي رفاهية هذا الشعب ويهتم بمصيره وحياته. < هذه المشروعات بدأت ولم تكتمل في سيناء تركناها حتي سكنتها خفافيش الإرهاب.. وفي قناة السويس اكتفينا بمصافحة العابرين من الجنسيات المختلفة ودولارات هزيلة يدفعونها, وفي العلمين اكتفينا بمقابر جنود المحور والحلفاء وتعازيهم كل عام.. وفي توشكي تركنا المعدات والرافعات ومحطات الكهرباء للشمس الحارقة والبيروقراطية المصرية العريقة.. وإذا اضفنا لذلك كله شواطئ الدولة المصرية وهي تزيد عن2000 كيلو متر في اجمل فاترينه علي اوروبا من البحر المتوسط.. واهم مجري ملاحي في العالم الي آسيا وعشرات البحيرات التي تنتشر في أرجاء مصر كلها.. ان بحيرة ناصر وحدها تكفي احتياجات العالم العربي كله من الأسماك ولكن حكومات الفقر تركتها لعدد من رجال الأعمال يعبثون فيها ويأكلون خيراتها.. من يقول ان مصر دولة فقيرة فهو كاذب ومضلل ونحن امام ملايين القطع الأثرية التي تنتشر في كل مكان.. في الأسبوع الماضي كشفت شرطة الآثار عن مخزن واحد في ابوالنمرس فيه1534 تمثالا واثرا من جميع العصور والألوان هذه ليست دولة فقيرة ولكنها منهوبة ومسروقة. < لقد جاء الوقت لكي نفكر في اساليب جديدة للعمل والإنتاج وإدارة شئون الدولة يجب ان تسقط مافيا تجارة الأراضي والعقارات التي استنزفت حق الأجيال الجديدة في تراب وطنها.. يجب ان تتخلي الدولة عن دور السمسار في بيع اصول وممتلكات هذا الشعب.. لقد اكل النشاط العقاري موارد الدولة المصرية حين باعت الأراضي ووزعتها علي المحاسيب واللصوص.. واستنزفت مدخرات الشعب والطبقات الفقيرة ومواكب العاملين في الخارج حين اصبح حلم الإنسان المصري ان يحصل علي بيت يأويه او قبر يدفن فيه وتركت مافيا الأراضي تتاجر وتجمع البلايين من ثروات هذا الشعب.. لقد كان بيع اصول الدولة المصرية بمصانعها واراضيها وشركاتها ومؤسساتها اكبر جريمة في حق هذا الشعب ويجب ان يسترد الشعب ممتلكاته ولو بعد حين. يجب ان يعود الإنسان المصري عاملا ومنتجا وان نتوقف تماما عن سياسة القروض والاستدانة التي وصلت الآن الي ارقام مخيفة تجاوزت ترليون ونصف ترليون جنيه واصبح كل طفل مصري مولود مدينا بأكثر من15 الف جنيه وهو لم يفطم بعد.. يجب ان نعيد النظر في سياسات الصحة والتعليم والتدريب والأمية وهروب الخبرات الحقيقية الي الخارج وان نعيد التواصل مع هذه الخبرات لكي نستفيد منها بعد فترات التجريف والتصحر الإنساني.. كانت ثروة مصر البشرية في يوم من الأيام اهم مصادر قوتها وكانت سلعة رائجة في كل مكان وحين ساد منطق اهل الثقة غابت الخبرات وحين اصبح الوصول الي المناصب لحملة المباخر والمهرجين اختفت المواهب.. وحين فسد التعليم وتراجعت صحة المواطنين وانتشرت الأمراض الاجتماعية غابت المصداقية وسيطر المهرجون علي كل شيء.. نحن الآن امام لحظة فارقة في حياتنا بعد الاستفتاء ليس لأنه وثيقة تاريخية وبرنامج يضع ثوابت لعلاقات جديدة بين مؤسسات الدولة المصرية ولكن لأنه فرصة فريدة لإعادة الثقة بين ابناء هذا المجتمع لكي تبدأ رحلة البناء.. تحية للشعب الذي خرج يوم الاستفتاء لكي يقدم نموذجا في الانتماء والولاء لهذا الوطن. تحية الي جيش مصر العظيم الذي ساندنا ووقف معنا في هذه المحنة وكان اهلا للمسئولية صدقا وعطاء وتضحية. تحية الي الشرطة المصرية التي استعادت جسورها مع الشعب وهيبتها في إدارة شئونه.. وقبل هذا كله تحية الي المرأة المصرية التي تؤكد دائما اصالتها ودورها في بناء هذا الوطن. حين تسترد الدولة هيبتها يمكن الحديث عن المستقبل. .. ويبقي الشعر عودوا إلي مصر ماء النـيل يكفينـا منذ ارتحلتم وحزن النهر يدمينــــا أين النخيل التي كانت تظللـنــــــــا ويرتمي غصنـها شوقـا ويسقينـا؟ أين الطيور التي كانت تعانقـنــــــا وينتشي صوتـها عشقـا ويشجينا؟ أين الربوع التي ضمت مواجعنــا وأرقت عينها سهدا لتحمينـــــــا؟ أين المياه التي كانت تسامرنــــــا كالخمر تسري فتـشجينا أغانينـا؟ أين المواويل؟.. كم كانت تشاطرنـا حزن الليالـي وفي دفء تواسينــــا أين الزمـــــــان الذي عشناه أغنية فعانــق الدهـــر في ود أمانينــــــــا هل هانت الأرض أم هانت عزائمنـا أم أصبـح الحلم أكفانـا تغطـينــــــــا جئنا لليلـــــــي.. وقلنا إن في يدها سر الحياة فدست سمهــــــــا فينـــا في حضن ليلي رأينا الموت يسكنـنـا ما أتعس العمر.. كيف الموت يحيينا كل الجراح التي أدمت جوانحنـــــــا ومزقت شمـلنـــا كانت بأيدينـــــــــــا عودوا إلي مصر فالطوفان يتبعكـــم وصرخة الغدر نار في مآقينـــــــــا منذ اتجهنا إلي الدولار نعبــــــــــده ضاقت بنا الأرض واســودت ليالينــا لن ينبت النفط أشجارا تظللنــــــــا ولن تصير حقول القار.. ياسمينــا عودوا إلي مصر فالدولار ضيعنــا إن شاء يضحكـنا.. إن شــاء يبكينــا في رحلة العمر بعض النـار يحرقنا وبعضها في ظلام العمر يهدينـــــــا يوما بنيتم من الأمجـــــــاد معجزة فكيف صار الزمان الخصب..عنينا؟ في موكب المجد ماضينا يطاردنـــا مهما نجافيه يأبي أن يجافينـــــــــــا ركب الليالي مضي منـــــــا بلا عدد لم يبق منه سوي وهم يمنينـــــــــا عار علينا إذا كانت سواعدنـــــــــا قد مسها اليأس فلنقطـع أيادينــــــا يا عاشق الأرض كيف النيل تهجره؟ لا شيء والله غير النيل يغنينــــا.. أعطاك عمرا جميلا عشت تذكـــره حتي أتي النفط بالدولار يغـرينـــــا عودوا إلي مصر..غوصوا في شواطئها فالنيل أولي بنا نـعطيه.. يعطينـــا فكسرة الخـــبـز بالإخلاص تشبعنـا وقطـرة الماء بالإيمــــان تروينــا عودوا إلي النـيل عودوا كي نطهـره إن نقتسم خـبزه بالعدل.. يكـفيــنـا عودوا إلي مصر صدر الأم يعــرفـنا مهما هجرناه.. في شوق يلاقينــــا ' قصيدة عودوا الي مصر سنة1997' نقلاً عن "الأهرام"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تسترد الدولة هيبتها حين تسترد الدولة هيبتها



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon