فاروق جويدة
استمتعت كثيرا مع حمدى قنديل فى مذكراته" عشت مرتين"..لم اشعر بأننى أقرأ تاريخا او قصة حياة ولكننى شعرت بأن حمدى قنديل أراد ان يبوح لبعض الأصدقاء بشىء فى صدره، لم يستعرض بطولات ولم يدع انه بطل سياسى او معجزة إعلامية او صاحب دور خطير..
ان الرجل يحكى شيئا من تفاصيل حياته ولك ان تسمعه او تمضى لأن هذا شىء لا يهمه على الإطلاق..انه قال وتكلم فقط وليس مهتما بمن سمع او اعرض..انه يذكرنا بالفلاسفة القدامى حين كانوا يعرضون افكارهم على الناس ومنهم من يستفيد ويسمع، ومنهم من يجادل، وفى الحالتين كانوا سعداء بأنهم قالوا..يتنقل حمدى قنديل فى رحلته من طنطا الى القاهرة الى عصر الأضواء والإبهار والمد القومى البديع ثم الى باريس عاصمة الكون وعواصم اخرى وتحاول ان تستكشف هذا العالم الفسيح الذى حلق فيه وتجد انك امام إنسان لو لم يكن إعلاميا شهيرا لانضم الى قبيلة الشعراء وكسبنا شاعرا جميلا..اهم ما فى ذكريات ـ ولا اقول مذكرات ـ حمدى قنديل انه لم يرتد عباءة الواعظ او المعلم انه يبدو بسيطا وهو يستعرض سنوات عمره بكل الصدق والبراءة ابتداء بأشخاص كبار عرفهم وانتهاء بزواجه من الفنانة المتألقة نجلاء فتحى..عرفت حمدى فى بداية الثمانينيات وهو يتولى مسئولية النشاط الإعلامى فى اكبر مؤسسة ترعى الفكر والثقافة فى العالم وهى منظمة اليونسكو يومها قضيت شهرا كاملا معه فى مؤتمر القطيعة بين امريكا واليونسكو..وانتقل حمدى بعد ذلك الى اماكن اخرى محلقا بين الفضائيات، ويبدو انه اعتاد الرحيل مثل الطيور المهاجرة فكان ينتقل من شجرة الى شجرة ومن بلد الى بلد، وإذا سألته وماذا بعد يا حمدى يقول لك إنها الأحلام وان خذله الحكام العرب فى كل العصور.. جمعت بيننا صداقة جميلة مع الراحل العزيز صلاح الدين حافظ حلمنا معا خذلتنا بعض الأحلام وبعضها صدق..عشت لحظات جميلة فى ضيافة حمدى قنديل وكتابه الجديد، عشت مرتين وهو يحكى بهدوء ذكرياته وهى اضافة حقيقية لأدب الاعترافات فى الثقافة العربية ورحلة شيقة مع اعلامى قدير عاش مخلصا لقناعاته حتى وان اغضبت البعض
نقلاً عن "الأهرام"