فاروق جويدة
هناك معارك يخوضها الإنسان بلا حروب أو دماء أو خسائر وهذا النوع من المعارك لا يخضع للحسابات والحروب التقليدية فى أشياء كثيرة .. كانت معركة رفاعة الطهطاوى ضد التخلف حربًا حقيقية.
وكانت معركة طه حسين من أجل التعليم انتصارًا حقيقيًا .. وكانت زعامة سعد زغلول عملا وطنيًا عظيمًا .. وكان إبداع العقاد والحكيم وهيكل باشا وعبد الرازق ثورة ثقافية .. وكان أحمد شوقى نهرًا عظيما تفجر فى شرايين الشعر العربى .. وكان عبد المنعم رياض شهيد مصر وأحد رموزها العظيمة .. أقول هذا بسبب ما يكتب الآن عن أحقية المشير عبد الفتاح السيسى فى رتبة المشير وادعاء البعض أن الرجل لم يحارب وأن هذه الرتب تخص المحاربين .. والسؤال ألم يكن قرار الحرب فى سيناء ضد الإرهاب معركة عسكرية لتحرير جزء من ترابنا الوطنى من الإرهاب .. ألم يكن موقف السيسى ورفاقه يوم 30 يونية وهو يحمى إرادة الشعب دفاعا عن قدسية وطن ووحدة شعب .. ألم يكن خروج السيسى وهو يضع روحه على يديه ليعيد للدولة المصرية تماسكها وهيبتها عملا بطوليا .. كان من الممكن أن يدفع المشير السيسى ثمن هذه المواقف ويحاكم عسكريا ويدفع حياته ثمنا لهذا كله .. إن السيسى يواجه الآن عدة معارك عالميا وداخليا .. هناك قوى دولية تتربص به لأنها ترى أنه خرج من دائرة التبعية وتمرد على أصول الطاعة وتحول إلى رمز وطنى فى حياة المصريين وهناك من يريد أن يهدم كل الرموز ويحطم كل القيم .. هناك دول إقليمية لا تراها العين تتصور أنها فى ظل غياب مصر سوف تكبر وهى لن تتجاوز حدود الخط الواحد على خريطة الكون .. لا أعتقد أن رتبة المشير سوف تضيف للسيسى شيئًا أكبر مما حصل عليه وهو ثقة هذا الشعب وإيمانه بوطنية هذا الرجل .. إن معارك سيناء ومواجهة الإرهاب فى ربوع مصر وخلع نظام سياسى فاسد وآخر مستبد كل هذه الأشياء معارك عسكرية حقيقية وبطولات سوف ندرك يومًا قيمتها وأهميتها ..
نقلاً عن "الأهرام"