فاروق جويدة
تداخل الدين فى السياسية وأصبحت لدينا الآن فتاوى سياسية لا تخضع لقواعد الشريعة أو ثوابت الدين ..
أصبح من الجائز أن تطلق الزوجة لأنها إخوانية وتدخلت تحية العلم والسلام الوطنى فى الحياة الزوجية والمطلوب من كل زوجة الآن أن تحدد هويتها السياسية قبل أن توقع على وثيقة الزواج.. ما يؤكد ذلك أن نجد بيانا من الأزهر الشريف وشيخه الجليل يطالب العلماء بعدم تشبيه الساسة بالأنبياء والرسل وأن نترك السياسة لأصحابها وتبقى للأنبياء قدسيتهم .. هذا الخلط الغريب فى حياة المصريين يعكس خللا رهيبا ظهرت ملامحه بعد ثورة يناير حيث اتضحت لنا المحنة الحقيقية التى يعانيها العقل المصرى ومن يشاهد الخطاب الدينى يدرك ابعاد هذا الخلل ومن يتتبع المنظومة الإعلامية وما يجرى فى الإعلام المصرى يدرك المأساة الحقيقية التى وصل إليها مستوى الفكر والثقافة .. إننا نتحدث كثيرًا عن الصراعات السياسية والمعارك التى تدور رحاها الآن بين النخبة والانقسامات الحادة التى يشهدها الشارع المصرى ولكن للأسف الشديد لا أحد يتحدث عن قضايا الفكر والثقافة .. وقد اتضحت لنا الصورة الحقيقية لعمليات التجريف الفكرى التى أصابت النخبة المصرية وهى صاحبة الدور والرسالة .. إن خلافات النخبة ومواقفها وصراعاتها الساذجة تؤكد أن الأزمة الحقيقية فى مصر هى أزمة ثقافية تركت آ ثارها على العقل المصرى ولغة الحوار وخلافات الرأى وقبل هذا كله انعكست على اخلاقيات الشارع المصرى سلوكـًا وتحضرًا وثقافة وهذه الازمة الحقيقية أن التداخل فى الرؤى والمواقف بين الدين والسياسة أفسد الاثنين معا وحين يتحول رجل الدين إلى سياسى فهو يخسر جلال العالم وحين يتحول السياسى إلى واعظ فهو أبعد ما يكون عن ثقة الناس ومشاعرهم الحقيقية ولهذا لا ينبغى الخلط بين قدسية الدين وزوابع السياسة .. وتبقى قضية الثقافة فى مصر من أخطر جوانب الحياة التى تأثرت بسنوات التجريف والاستبداد وهذه القضية تحتاج إلى جهود كثيرة وخطط طويلة المدى لكى يعود للعقل المصرى وعيه المفقود وينبغى أن يشمل ذلك برامج التعليم ودور الإعلام ورسالة الجامعات وقبل هذا كله الأسرة المصرية التى تراجع دورها على كل المستويات ..
نقلاً عن "الأهرام"