فاروق جويدة
المصريون شعب ساخر ابن نكتة ولهذا فإن للسخرية فى مصر تاريخ طويل، وقد واجه الشعب المصرى كل اللحظات القاسية فى حياته بالسخرية وكثيرا ما كنا نسخر من انفسنا ..فى قاموس الحياة اليومية تجد آلاف النكت والجميع يضحك..ولا يوجد شعب فى العالم سخر من نفسه مثل المصريين، وكنا نعتبر ذلك شيئا من النقد او الرفض او التعليق على الأحداث..ان النكتة المصرية كانت فى بعض الأحيان هى الوسيلة الوحيدة للرفض والتعبير عن موقف معارض..كنا نسخر من همومنا ولا نواجهها ونضحك على حكامنا ولا نعترض على ما يرتكبون من المآسى والأخطاء وفى تقديرى ان النكتة المصرية لم تجسد يوما موقفا ايجابيا فى الحياة انها مجرد ضحكة ساخرة وينتهى كل شئ ويبقى الظلم ظلما والطغيان طغيانا..من السهل ان نفرغ طاقات الغضب فى ابتسامة ساخرة لن تقدم ولن تؤخر..ومن اسوأ المواقف التى اصابت المصريين بسبب النكتة انها حولت الجد هزلا.. وفى السنوات الماضية تحولت حياتنا كلها الى مجرد نكته ونحن نشعر بسعادة غريبة وكل واحد منا يمسك بشريحة من المجتمع ويوسعها سخرية وضحكا .. وكان من نتيجة ذلك انه لم يبق لدينا شئ من الجدية حتى فى تلك الأمور المهمة والخطيرة فى حياتنا.. وانتشرت بيننا بعض الوجوه التى نجحت فى السخرية من كل شئ وبدأ هؤلاء يجمعون الملايين ويغيرون طبيعة الأشياء ونحن نضحك ولم نكتف بأن نضحك على انفسنا ولكننا تحولنا الى وسائل لإضحاك الآخرين هل شاهدت يوما فنانا عربيا يسخر من شعبه ويضحك عليه ان الشعب الوحيد الذى يجيد السخرية من نفسه هو الشعب المصرى ..وفى سبيل ذلك لا مانع من ان نسخر من تاريخنا ورموزنا وفقرنا ابتداء بفقراء الصعيد وانتهاء بأعز الأشياء لدينا..حتى اغنياتنا الجميلة تحولت الى وسيلة للسخرية فى الأفلام والمسلسلات..هناك مثل يقول الضحك من غير سبب قلة ادب ونحن الآن نضحك من كل شئ وعلى اى شئ..وهناك كثيرون الأن ينطبق عليهم هذا القول ولكن من يحاسب من والمولد لم ينته بعد وإذا سألت او عاتبت يقال لك نحن شعب ابن نكتة.