فاروق جويدة
يطالب البعض فى اجهزة الدولة بفرض ضرائب على المصريين العاملين فى الخارج .. وهذا الاقتراح طاف سنوات عديدة فى سراديب الدولة المصرية ولم يجد تشجيعا او تأييدا لأنه يتعارض مع ابسط قواعد العدالة..
كيف نفرض ضريبة على مواطن لا يعيش فى وطنه وبأى حق نطالبه بذلك.. ان الضريبة التى تفرضها الحكومة على الشعب تأتى مقابل خدمات تقدمها فى الصحة والطرق والمسكن والمواصلات والكهرباء والتعليم وبدون هذه الخدمات لا يحق لأى دولة ان تفرض ضريبة على مواطن مغترب لا يعيش فيها .. إذا كان المواطن المصرى يعمل فى الخارج وهو فى اجازة من عمله فهو يقوم بسداد التأمينات المستحقة عليه كل عام ويدفع عشرات الرسوم وإذا كان له مسكن فهو يتحمل الضريبة العقارية رغم سفره وإذا كانت له سيارة فهو يدفع ايضا ضريبتها وهو لا يستخدمها على الإطلاق .. ان الحكومة تعلم ان من اهم مصادر العملات الصعبة فى مصر تحويلات المصريين العاملين فى الخارج وهى تغطى جزءh كبيرا من ميزانية النقد الأجنبى وقد تكون الضريبة المقترحة سببا فى عدم عودة اعداد كبيرة من المصريين الذين يعودون فى إجازاتهم ومنهم من يشترى شقة او قطعة ارض او يقيم مشروعا او يضع ما لديه من مدخرات فى احد البنوك المصرية.
ان منطق الجباية الذى حكم سياسة الدولة فى العهد البائد يجب الا يكون سببا فى استمرار حالة الجفاء بين المصريين فى الخارج والوطن ويكفى ما يتحملون فى الغربة .. هناك من هاجر ولن يعود وهناك من حصل على جنسية اخرى وهناك ايضا من قطع كل جذوره مع الماضى فهل نطالب كل هؤلاء بدفع ضرائب وإذا كانت الحكومة جادة فى تحصيل الضرائب، فعليها ان تبحث عن المتأخرات لدى رجال الأعمال والقطاع الخاص وهى بالبلايين وعليها ايضا ان تفتش فى جيوب القادرين الذين تاجروا فى الأراضى وباعوا المصانع وحصلوا على العمولات، اما المصريون فى الخارج فاتركوهم لحال سبيلهم ولا ينبغى ان نذكرهم فقط كلما زادت الضغوط وصرخت ميزانية الدولة: هل من مجير .
نقلاً عن "الأهرام"