فاروق جويدة
فى يوم من الأيام اعلنت امريكا انها سوف تراهن على الدول الصغرى فى الشرق الأوسط وان الأدوار السياسية لا تحكمها اعتبارات سكانية او تاريخية او حضارية وان الدول الصغيرة تستطيع ان تكون فى المقدمة
وكانت أمريكا تعتقد ان النموذج الواضح فى ذلك هو إسرائيل وهى من حيث السكان والمساحة الجغرافية دولة محدودة، ولكنها استطاعت ان تلعب ادوارا كبرى..وما بين الأدوار الكبرى والدول الصغرى اخطأت امريكا فى حسابات كثيرة..لقد اخطأت حين تصورت ان قطر تغنى عن السعودية او يمكن ان تكون بديلا لها او ان اسرائيل يمكن ان تقوم بدور القوة العظمى فى المنطقة بالنيابة عن الدور الأمريكى..ومن هنا بدأت الخسائر الأمريكية تتوالى..كان لها رهان على تركيا من خلال اردوغان وفى الشهور الأخيرة بدأت حكومة الإسلاميين فى تركيا تخسر كل يوم امام اخطاء سياسية فادحة .. وراهنت امريكا على قطر كدولة فيها كميات مذهلة من الغاز ونسيت ان التدخل فى شئون الدول امر مرفوض وكان قرار السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائها من الدوحة .. وفى غفلة من الجميع حاولت امريكا استقطاب ايران فى صفقة سريعة ولكنها اكتشفت ان ايران ليست الخصم السهل الذى يمكن خداعه او السيطرة عليه امام رفض إسرائيلى كامل للتقارب مع ايران فى فترة قصيرة جدا خسرت امريكا علاقات تاريخية مع مصر والسعودية والإمارات والكويت ثم دفعت ثمن ذلك كله فى فشلها الشديد فى العراق وليبيا ودول الخليج العربى مجتمعة .. ان نظرية امريكا فى إمكانية استبدال الأدوار قد فشلت واكدت ان القرار الأمريكى لم يكن صائبا وان الدول الصغرى سوف تظل فى حجمها وادوارها خاصة إذا كانت لا تملك تاريخا ولا عمقا حضاريا .. سوف تبقى إسرائيل رغم ما لديها من مصادر القوة دويلة صغيرة لا تقارن بمصر او السعودية وسوف تبقى قطر مخزنا للغاز حتى لو اقام البنتاجون فيها مليون قاعدة عسكرية .. الفهم الخاطئ .. والقرارات العشوائية تصل عادة الى نتائج سلبية سوف يبقى الكبير كبيرا والصغير صغيرا رغم انف السياسة الأمريكية .
"الأهرام"