فاروق جويدة
من اكثر المواقف ضعفا فى آداء الحكومات المصرية المتتالية عبر سنوات طويلة ملف مياه النيل .. ومن يتابع تصريحات ولقاءات وزراء الرى السابقين سوف يكتشف غياب الحقيقة وتضارب الآراء والأقوال بل والمعلومات.
وربما كان السبب فى ذلك ان الدولة المصرية لم تكن فى يوم من الأيام جادة فى التعامل مع ملف مياه النيل .. لقد ارتبط هذا الملف بالعلاقات المصرية السودانية وقد تعرضت هذه العلاقات لزوابع سياسية كثيرة رغم ان اهم واخطر ما فيها انها علاقات بين شعبين شقيقين ربطت بينهما سنوات طويلة من التواصل والمودة .. لقد اهملت الدولة المصرية ملف مياه النيل واهملت العلاقات بين مصر والسودان واهملت العلاقات بين مصر وافريقيا وكانت النتيجة هذه الأزمة الخطيرة التى نواجهها الآن مع اثيوبيا بسبب سد النهضة .. ان هناك تعارضا فى الأفكار والمواقف والحقائق بين وزراء الرى السابقين حيث يخرجون الأن بتصريحات متعارضة حول المفاوضات التى جرت فى سنوات مضت .. وهناك من يتحدث عن مياه نهر الكونغو وينتقل بنا الى قضية بعيدة تماما عن الأحداث الجارية الأن حول سد النهضة .. والأخطر من ذلك ان كل وزير يدعى انه كان على علم بكل شئ ولم يسمعه احد حين قدم عشرات التقارير والدراسات وإذا كان ذلك صحيحا فلماذا وصلت بنا الاحوال الى ما نحن فيه الأن .. لم اجد وزيرا واحدا يقدم حلا للازمة التى نواجهها مع اثيوبيا حتى الأن بل ان هناك تعارضا فيما يقال حول خطورة سد النهضة واثره على احتياجات مصر من المياه .. والأغرب من ذلك كله ان كل وزير يتحدث بعيدا عن الأخر وكأنهم جزر منفصلة وكان ينبغى ان تجمعهم جهة من الجهات وتواجههم بعضهم ببعض لكى يطرح كل وزير افكاره ومواقفه وتاريخه مع النهر الخالد .. اسهل الأشياء فى مصر ظهور الأبطال بعد فوات الآوان والحقائق بعد نزول الكارثة .. كل ما يقال الأن عن مياه النيل من وزراء الرى السابقين كلام لا محل له من الإعراب وفات اوانه؟!
"الأهرام"