فاروق جويدة
إذا كانت ثورة يناير قد أسقطت فساد الحزب الوطنى والنظام الحاكم وإذا كانت ثورة 30 يونيه قد اسقطت حكم الإخوان الفاشل فإن الثورات لا تعنى ابدا إسقاط هيبة الدولة ومسئوليتها عن حماية مواطنيها.
هناك من يتصور ان خروج المصريين الى الشارع ومئات المظاهرات التى اجتاحت ربوع الوطن قد اسقطت للأبد هيبة الدولة المصرية لأن الإرادة الشعبية تلغى كل شئ بما فى ذلك مؤسسات الدولة..ولا شك ان الظروف التى تعرضت لها اجهزة الأمن المصرية فى ثورة يناير قد تركت اثارا سلبية على دور هذه الأجهزة وأهمية وجودها فى الشارع المصرى..على جانب آخر فإن محاولات «الإخوان المسلمون» الاستيلاء على مفاصل الدولة وتفكيكها قد ترك اثارا سيئة للغاية..ان الواضح ان هذه المحاولات قد نجحت فى تشويه صورة الدولة واهتزاز هيبتها ولهذا فإن ما حدث من صراعات دموية فى اسوان يدخل فى هذا النطاق..لم يكن احد يتصور ان تصل حمامات الدم واعداد القتلى فى مشهد لم يحدث فى اى مكان فى مصر من قبل..إن التركيز الشديد من مؤسسات الدولة على القاهرة والمدن الرئيسية وما يحدث فيها قد ترك اثارا سلبية على اهتمام الدولة بما يحدث فى ربوع المحروسة ولا ينبغى ان تهمل الحكومة ما يحدث خارج القاهرة وهذا دور المحافظين واجهزة الإدارة المحلية التى ينبغى ان تتصدى لظواهر الفتن والعنف وهى فى بدايتها ولا تتركها لمستنقعات الدم..لا بد ان نعترف بأن الدولة المصرية ليست فى كامل عافيتها وان استقرار هذا الوطن يعنى استرجاع هيبة الدولة حتى لا تفتح مجالات لصراعات قبلية وعرقية ودينية يمكن ان تهدد المجتمع كله..للأسف الشديد ما حدث فى اسوان كارثة حقيقية يجب معالجة اسبابها فى ظل دولة قوية قادرة على فرض الحماية للمواطنين لأن انفلات الأحوال فى مثل هذه المناطق يمكن ان يحمل مخاطر كثيرة..كلنا يعلم ان العشوائيات ليست على حدود القاهرة وحدها وما حدث فى اسوان من اخطر واسوأ نتائج الفقر والفوضى..حين تغيب هيبة الدولة تفقد الكثير امام مواطنيها حيث يختفى الأمن وتنتشر الفتن وتسقط قدسية القانون .
"نقلاً عن الأهرام"