فاروق جويدة
يتعامل الأشقاء فى السودان مع كل ما يكتب فى مصر بقدر كبير من الحساسية التى حملتها عشرات السنين من اخطاء الحكام ومؤامرات الاستعمار والفهم الخاطئ للعلاقة بين الشعبين ..
كنت أتمنى ان تبرأ الأجيال الجديدة من رواسب هذا الماضى القبيح ولكن يبدو للأسف الشديد اننا لا نرث من الماضى إلا اسوأ ما فيه .. حين كتبت متسائلا عن الاتفاقيات الأخيرة التى وقعتها حكومة السودان مع اثيوبيا حول الحدود وفى الدفاع، فلم اكن مطالبا بالوصاية على القرار السودانى لأن السودان احدى محافظات مصر ولكن لأننى واحد من المؤمنين بأن السودان جزء عزيز من مصر وان مصر جزء عزيز من السودان وانا اقول هذا الكلام ولا انافق به احدا هنا او هناك ولكن هذه قناعات شخصية انعكست دائما فى كل كتاباتى .. إننا الآن نجنى ثمار هذا الماضى القبيح الذى فرق بين الشعبين رغم التداخل السكانى الرهيب فلا احد يعرف كم عدد الأسر والعائلات السودانية التى تعيش فى مصر، وهناك الملايين الذين تزوجوا من هنا او هناك واصبح لهم ابناء ربما يحملون الجنسيتين المصرية والسودانية .. حين ننتقد الحكومة السودانية لأنها لم تتخذ موقفا موحدا مع مصر تجاه قضية سد النهضة فإن ذلك تأكيد ان مصر مع السودان هما الأقوى تجاه اى طرف ثالث ولا يمكن ان تكون العلاقات بين اثيوبيا والسودان على حساب مصر كما يتصور البعض، لا اعتقد ان اخطاء الماضى يمكن ان تكون سببا فى حساسيات تدمر العلاقات بين الشعبين .. إن مصر والسودان كلاهما يحتاج للآخر ولو اننا ادركنا ذلك منذ زمن بعيد لتغيرت اشياء كثيرة فى حياة المصريين والسودانيين ولكننا تركنا كل شىء للمزايدات والحساسيات حتى وصلت الأمور الى درجة القطيعة الفكرية والإنسانية فى احيان كثيرة .. لا احد اقرب لمصر من السودان ولا احد يهمه امر السودان اكثر من مصر هكذا ينبغى ان تكون طبيعة الأشياء وإذا كان الواقع يقول غير ذلك فعلينا ان نراجع انفسنا حتى لا يستمر مسلسل العبث والأخطاء .
نقلا عن الأهرام