بقلم - فاروق جويدة
كنا نحب فصل الشتاء حين يأتى بأمطاره الخفيفة التى تنعش النفوس والأبدان..وكان فصل الشتاء يأتى فى مواعيد محددة ولكن الشهر الجميل تحول إلى صواعق تهز أركان السماء وبعد أن كان يأتى ممطرا جميلا تحول إلى سيول مدمرة وما حدث فى الأردن والكويت والسعودية كان شيئا غريبا على الشتاء الذى أحببناه..لقد حملت السيول الناس والأطفال وسقط عشرات الضحايا أمام شتاء لا يرحم.. لم يحدث فى يوم من الأيام أن جاء الشتاء بهذه السيول المجنونة لقد كان شهر الدفء والمشاعر الجميلة فهل هو تمرد الطبيعة أم هو تغير المناخ ولماذا يحدث ذلك فى العالم العربي؟ إن السيول فى دول أخرى تمثل أشياء عادية وقد شاهدنا مدنا كاملة أغرقتها المياه فى أوروبا وآسيا وأمريكا وكانت الأعاصير شيئا عاديا فى دول كثيرة, ولكن العالم العربى لم يعرف من قبل هذه التغيرات الحادة فى المناخ، هناك من يرى أن الكرة الأرضية سوف تشهد عصورا جديدة، والدليل أن السيول الأخيرة كانت تحمل قطعا من الثلوج ولكن التحليل الأهم والأخطر أن الحروب التى شهدتها المنطقة طوال السنوات الماضية وكميات السلاح المذهلة التى تفجرت فى كل مكان هى التى غيرت المناخ بهذه الصورة، لا أحد يعرف عدد القنابل التى تفجرت والصواريخ التى انطلقت فى سوريا والعراق وليبيا واليمن وما خلفته حشود داعش من الخراب، إن تغيرات المناخ فى العالم العربى تحتاج إلى دراسات للكشف عن أسبابها خاصة أن فصل الشتاء تحول هذا العام إلى شبح مخيف أمام السيول التى اقتحمت الشوارع والبيوت وحملت معها عشرات الضحايا..هل هى القنابل التى حملت الموت للناس وحملت الخراب، للأوطان وأصبح الشتاء الفصل الجميل سيولا دمرت كل شىء..إن هناك بلادا اختفت فيها كل الملامح فى البيوت والشوارع والطرقات وجاءت السيول لكى تشوه ما بقى فيها..كنا نحب الشتاء فصلا رقيقا منعشا يهز القلوب ويعبث فى الوجدان وكان شهر المودة والتواصل بين الناس ولكن كل شىء تغير والسيول تهبط على الطرقات وتدمر كل شىء..الناس تحب المطر كى يروى الأرض ويطفئ ظمأ الحياة ولكن الناس تكره شتاء السيول لأنه اغرق كل شىء..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع