بقلم - فاروق جويدة
كان العرب قديما يحتفلون ثلاث سنوات حين يغرد شاعر صغير، ولا أدرى ما هو حال الشعراء الآن ولكننى اشتاق كثيرا للقاءات كانت تجمعنا الراحلان العزيزان فاروق شوشة وامل دنقل وأبوسنة أطال الله عمره، وهو شاعر ترفع عن كل شىء وأقام حديقة صغيرة اختار أن يغرد فيها وحده، واستطاع أن يقدم قصيدة متفردة جمعت الأصالة والحداثة فى بناء فنى وجمالى رائع.. وكانت مشكلة أبو سنة دائما أنه عزف عن الأضواء رغم انها كثيرا ما سعت إليه وزهد فيها.. كنا نجتمع على شاطئ النيل حين كان شامخا جسورا وتدور الحوارات الساخنة بين أمل دنقل وأبو سنة، وكلاهما صاحب مدرسة متفردة، بينما فاروق شوشة يلقى علينا الكثير من حكمته واتزانه.. إن محمد ابراهيم أبوسنة واحد من أبرز شعراء جيل الستينيات مجددا واصيلا ومتفردا، فلم يخرج من عباءة أحد وولد شاعرا كبيرا إحساسا وصدقا، واخذ مكانته فى كوكبة من الشعراء الكبار.. رغم زحام الأشياء وتكدس البشر يبقى الشعر واحة نجد فيها الأمن والجمال والسكينة.. اهدانى ابو سنة اخيرا أعماله الكاملة أربعة مجلدات عن دار العالم العربى مع مقدمة للدكتور يوسف نوفل.. اربعة مجلدات تمثل رصيدا لرحلة شاعر مبدع اخلص للشعر وحافظ على قدسية الاصالة، وتمرد احيانا بقدر كبير من الحكمة، وكان ومازال وسيبقى شجرة مثمرة عريقة فى حدائق الإبداع العربى.. إن ابو سنة الشاعر الرقيق الذى وهب حياته بكل السخاء للكلمة الجميلة والإبداع الراقى والفن الجميل إنسان عاش الحياة كما أحب وكان قيثارة لكل إحساس صادق تجسدت فيه رحلة شاعر من الزمن الجميل.