بقلم - فاروق جويدة
اختلف الناس حول كاتبنا الكبير إحسان عبد القدوس هل هو الروائى أم السياسي أم الصحفى أم رئيس التحرير المتميز.. والواقع أن إحسان كان كل هؤلاء كان السياسي الذى شارك فى كل الأحداث الكبرى قبل ثورة يوليو وفي العهد الملكي.. ثم كان مؤيدا لثورة يوليو ومختلفا معها وكان صاحب قلم جرىء فى العصر الذهبي لمجلة روز اليوسف وقد وصل بتوزيعها إلى أرقام مذهلة.. كان إحسان صحفيا مميزا فى كتاباته وإدارته للصحف التى كان رئيسا لتحريرها وعلى الجانب الآخر فإن إحسان الروائى وصلت رواياته إلى أرقام كبيرة وكانت يوما موضوعا للتحقيق فى مجلس النواب بسبب جرأة التناول ومناقشة القضايا الاجتماعية والإنسانية الحساسة.. أما إحسان عبد القدوس الإنسان فقد كان رقيقا جميلا مترفعا فى مواقفه وخصوماته وحين هاجمه العقاد بضراوة اكتفى بأن يغضب..عرفت إحسان عبد القدوس حين جاء الأهرام مسئولا وكاتبا وحين ترك المسئولية أخذ مكانا قصيا فى الدور السادس وكثيرا ما كنت أزوره ونتحاور فى قضايا كثيرة.. حين كتبت ديوانى الأول عن حرب اكتوبر طلبت منه أن يتوسط لى لدى كاتبنا الكبير توفيق الحكيم لكى يقدمنى فى هذا الديوان وأخذني من يدى إلى مكتب توفيق الحكيم وبعد محاورات كتب الحكيم المقدمة وصدر الديوان بمقدمة كاتبنا الكبير..كان إحسان مؤمنا بالشباب إلى أبعد مدى وقد قدم فى روزاليوسف مجموعة من أفضل شباب الصحافة المصرية..فى العصر الملكى كتب إحسان حملته الصحفية الشهيرة عن صفقة الأسلحة الفاسدة.. واختلف مع عبد الناصر حول قضايا الحريات.. ورغم صداقته مع أنور السادات فقد سجن السادات ابنه محمد عبد القدوس وفى كل العصور كانت مواقف إحسان عبد القدوس واضحة وصريحة ويكفى أنه احتضن فى روزاليوسف شباب اليساريين والشيوعيين من أقصى اليسار الماركسى إلى أقصى اليسار المعتدل..مرت الذكرى المائة لميلاد إحسان عبدالقدوس الذى احتار النقاد فى تعدد مواهبه هل هو الروائى أم الصحفى أم الموقف أم صاحب المؤسسة الصحفية الشهيرة.. بقيت كل هذه الاشياء لأن إحسان لم يكن إنسانا عاديا كان بالفعل يحمل اكثر من موهبة واكثر من تاريخ وقبل هذا كله كان إنسانا نبيلا..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع