بقلم - فاروق جويدة
بعض الأيام تأخذ مكانة خاصة فى حياة الشعوب وبعض الشخصيات قد نختلف حول أدوارها ويأتى زمان ينصفها ويضعها فى مكانها ومكانتها الصحيحة.. وكانت حرب أكتوبر لحظة تاريخية لن تغيب أبدا عن ذاكرة المصريين وكان انتصار أكتوبر معجزة فى رد الاعتبار واستعادة الكبرياء وكان أنور السادات هو الرجل الذى غير كل الحسابات حربا وسلاما.. مازلنا نذكر نكسة 67 وكيف كانت أكبر الانكسارات فى حياة جيلنا وشهدت السنوات الأولى من السبعينيات فترة عصيبة بعد رحيل الزعيم جمال عبد الناصر.. كانت النكسة سببا فى خروج أول مظاهرات ضد عبد الناصر عام 68 ويومها انطلقنا من جامعة القاهرة حين قرر الزعيم أن يتنحى عن الحكم.. وما بين مظاهرات خرجت على التجربة الناصرية حربا وسلاما ومظاهرات خرجت تطالب بعودته للحكم كانت قصة جيل عاش حلماً كبيرا مع زعيم كبير حتى كانت لحظة العبور إلى سيناء وكأنها عودة للروح أمام انتصار عظيم وهزيمة مرة.. هناك جيل كان ضحية الهزيمة فيه من هاجر ومن ابتلع جراحه ومن تقدم الصفوف وقاتل على شط القناة وحطم خط بارليف وأعاد الثقة إلى مصر وجيشها وقيادتها.. لقد تداخلت الأحداث فى هذه الفترة ما بين انسحاب مرير من سيناء فى النكسة وبين هزيمة شوهت كل أحلام المصريين فى مستقبل آمن وعبور اهتزت به أركان العالم حين اندفع جيش مصر فى لحظة تاريخية فارقة ليعيد التوازن إلى قدرات مصر جيشا وشعبا وقيادة.. إن لحظة العبور إلى سيناء وقرار الحرب الذى اتخذه قائد شجاع وحشود الجيش المصرى وهى تسطر تاريخا جديدا، كل هذه الأحداث بقيت فى ذاكرة مصر لأنها كانت بداية ميلاد جديد لأحلام جديدة..
سوف يبقى العبور علامة فى الذاكرة المصرية ولحظة تجاوزت فيها مصر أيام انكسار دامية وسوف يبقى صاحب قرار الحرب زعيما مصريا تحدى اليأس والعجز والانكسار وخاض حربا استرد بها ترابنا المغتصب.. سوف يبقى أنور السادات قائد ملحمة النصر العظيم وخلفه جيش أدرك حجم المسئولية وشعب ذاق معنى الانتصار.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع