بقلم - فاروق جويدة
فى يوم من الأيام كنا نذهب إلى سور الأزبكية نشترى مجموعة من الكتب ترافقنا طوال الإجازة الصيفية وكنت تدفع جنيها واحدا لشراء أكثر من ١٥كتابا كانت سلسلة اقرأ سعرها قرشان وأعلام العرب خمسة قروش والمسرح العالمى خمسة قروش والروايات العالمية اقل من عشرة قروش وكانت أسعار الكتب القديمة أقل من ذلك جدّا.. وحين تحول سور الأزبكية إلى محلات لبيع الأحذية اختفت معالم السور العتيق واختفت معها الكتب وحلت الأحذية.. ومن يومها لم يعد للكتاب مكان يعرض فيه غير ما تعرضه دور النشر بمئات الجنيهات وهى الآن مهددة بأن تصفى أعمالها أمام ظروف اقتصادية صعبة.. آخر أخبار الكتب أن هيئة قصور الثقافة قررت زيادة أسعار الكتب التى تطبعها وهى مطبوعات رخيصة هدفها تشجيع الكتاب والأدباء الشباب وبعضها يوزع فى نطاق المحافظات التى يتبعها قصر الثقافة ورغم كل جوانب التقصير التى أصابت أداء قصور الثقافة وغيابها فى كثير من الأحيان عن أداء دورها ومسئوليتها إلا أنها كانت نافذة لأدباء المحافظات الذين لا يجيدون فرصا فى أضواء القاهرة..إن الكتاب ليس سلعة تجارية ولكنه خدمة ثقافية وفى زمان مضى كان الكتاب يحتل مكانة لا تقل فى الأهمية عن رغيف الخبز وكانت الدولة تدعم الرغيف والكتاب معا حتى أن سعر الروايات العالمية كان قروشا ضئيلة والشباب المصرى يقرأ ما يصدر فى المكتبات العالمية مترجما فى القاهرة فى نفس الوقت وبأسعار زهيدة.. إن المبالغ التى تنفقها الدولة كدعم للكتاب فى قصور الثقافة يعتبر ضئيلا للغاية ويجب أن تحافظ عليه الحكومة لأنه آخر ما بقى من دعم الحكومة للثقافة فقد سحبت يدها من كل شىء..لا أطالب بعودة أسعار الزمن الجميل والثقافة الحقيقية وسور الأزبكية العريق وسلاسل اقرأ وأعلام العرب والمسرح العالمى ولكن أطالب بأن نبقى على هذه الكيانات الصغيرة التى تصدرها هيئة قصور الثقافة لأنها آخر ما بقى لإبداع الشباب من وسائل النشر فقد يخرج منهم طه حسين جديد أو أحمد شوقى أو العقاد أو جمال حمدان أوالمسيرى.. أما دور النشر الخاصة فهذه أزمة أخرى تحتاج إلى حديث أطول..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع