بقلم - فاروق جويدة
فى حديقة الشعر العربى طيور كثيرة خاصمها الحظ، ولم تلق التقدير الكافى وغنت وأطربت الملايين من البشر، ثم غادرت الحياة ونسى الناس ما غنت.. كثيرا ما توقفت عند شاعر الكرنك أحمد فتحى وتجولت فى مسيرته ما بين انجلترا والسعودية وغرفة فى فندق صغير فى القاهرة عاش فيها سنواته الأخيرة، وهو لم يكمل الخمسين عاما من عمره.. ظهر أحمد فتحى وسط كتيبة مبدعة كان فيها إبراهيم ناجى وأحمد رامى ومحمود حسن إسماعيل وصالح جودت.. وذاع صيته حين غنى له محمد عبد الوهاب قصيدته الشهيرة الكرنك، ثم غنت له كوكب الشرق قصيدته الأجمل قصة الأمس وهى من أرق ما غنت كوكب الشرق ومن أجمل ما لحن رياض السنباطي.. كان حلم احمد فتحى أن ينافس رامى فى مملكة الست، أو أن ينافس حسين السيد فى إمبراطورية عبد الوهاب، ولكن كان حظه قليلا مع الاثنين..عمل فترة فى لندن وهناك التقى مع الأمير الشاعر عبدالله الفيصل لكى يعيش فى المملكة سنوات عمره الأخيرة، وقد واجه ظروفا حياتية صعبة فى مصر.. وفى احد الفنادق الصغيرة قضى أيامه الأخيرة يطارد حلمه الذى لم يتحقق فى أن يكون فى شهرة رامى أو صحبة أم كلثوم وإن كانت قصة الأمس من أجمل ما غنت «يالذكراك التى عاشت بها روحى على الوهم سنينا ذهبت من خاطرى إلا صدى يعتادنى حينا فحينا».. وبقى من احمد فتحى قصة الأمس والكرنك يعيدان ذكرى شاعر ظلمته الأقدار والأضواء «يسهر المصباح والأقداح والذكرى معى وعيون الليل كنت لى أيام كان الحب لى أمل الدنيا ودنيا أملى .. وقليلا ما يذكر اسم احمد فتحى الآن إلا أنه شاعر الكرنك.. سألت نزار قبانى يوما ماذا يعنى الخلود بالنسبة لك قال أريد حقى حيا ولا يعنينى أن يذكرنى الناس بعد غيابي، أنا أريد حقى وأنا أعيش وسط الناس وأرى حولى الآلاف يسمعون شعري، لان الناس تنسى وذاكرة الأيام ضعيفة.. وليت احمد فتحى سمع نزار قبانى .. بقيت لأحمد فتحى قصيدة فجر التى غناها رياض السنباطى «اه من قلبى وما يعتاده من ذكرياتي، لا انا أسلو امانى ولا الحظ يواتي».