بقلم - فاروق جويدة
فى كل يوم نقرأ ونسمع فى وسائل الإعلام عن إنشاء مولات جديدة ونرى آلاف الملايين تتدفق على هذا النوع من الاستثمارات.. ولاشك أنها تمثل نشاطا اقتصاديا مهما وضروريا لتوفير احتياجات المواطنين من السلع ولكن على الجانب الآخر فإن هذه المولات تدخل فى دائرة الاستهلاك، أى أنها نشاط تجارى بحت يبيع السلع للناس ولا ينتج شيئا، إنها مشروعات تحقق العائد السريع، قد توفر فرصا للعمالة أو الضرائب والخدمات لكنها ليست إنتاجا يضاف إلى اقتصاد الدولة مثل النشاط الصناعى .. إن مصر ليست فى حاجة إلى مزيد من الاستهلاك ولكنها تحتاج إلى إنتاج صناعى متطور ومتقدم يوفر فرصا اكبر للعمالة ويزيد من حجم الاستثمار الحقيقى، ولهذا فإن التوسع فى إنشاء المولات لا ينبغى أن يكون على حساب الصناعة.. نحن نريد إنتاجا صناعيا يوفر سلعا للسوق المحلية ويحقق موارد فى الصادرات.
إن دولة مثل الصين تصدر الآن للعالم كل شىء ابتداء بالصناعات الثقيلة وانتهاء بالمشروعات الصغيرة وفى دول مثل سنغافورة وماليزيا وتايلاند وكوريا يقوم الاقتصاد على الإنتاج الصناعى، حتى إن دولة مثل اليابان لا توجد فيها موارد اقتصادية وتعتمد على الصناعة .. وفى سنوات مضت كنا نطالب بفتح المجال أمام الإنتاج الصناعى لأن الصناعة هى المجال الوحيد القادر على مواجهة المشكلات الحقيقية للاقتصاد المصرى ابتداء بالصادرات والواردات وانتهاء بالملايين الذين يبحثون عن فرصة عمل لا تجىء..
عندما بدأت مصر سياسة الانفتاح الاقتصادى قامت على السمسرة والعمولات والتوكيلات التجارية وبقيت الصناعة حلما مؤجلا وفى زمن الخصخصة وبيع القطاع العام خسرت مصر ما كان لديها من الصناعات التى أغلقت أبوابها وبيعت فى مزادات الخردة .. حدث هذا رغم أن طلعت حرب أقام مصانع المحلة للنسيج والغزل فى قلب مزارع القطن وموانى التصدير .. وكانت لدينا صناعات كثيرة فرطنا فيها وكان آخر هذا المسلسل إغلاق عشرات بل مئات المصانع فى السنوات الأخيرة .. إن انشاء المولات نشاط تجارى لا عيب فيه ولكن الصناعة هى المستقبل ولا شىء غيرها..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع