بقلم: فاروق جويدة
حكاية غريبة نشرتها وسائل الإعلام فى الأيام الأخيرة.. أن هيئة السكة الحديد كانت تقيم كل عام مزادا لبيع المخلفات من الحديد الخردة والأشياء التالفة التى لا تصلح للاستخدام, وكان عائد المزاد كل عام لا يتجاوز ١٨ مليون جنيه, ولكن المفاجأة حين تولى الفريق كامل الوزير وزير النقل, أقام مزادا مشابها لبيع هذه المخلفات وكانت المفاجأة أن حصيلة المزاد بلغت ٣٤٠ مليون جنيه.. وهنا يبدو الفارق كبيرا جدا بين ١٨ مليونا و٣٤٠ مليونا, وهذا يعنى أن هناك خللا ما وأن هذه المزادات ليست أكثر من صفقات مشبوهة تشارك فيها أطراف كثيرة من التجار والمسئولين.. إن هذا نموذج واحد كشف عنه كامل الوزير, وهناك مجالات اخرى كثيرة كان يحكى عنها فى مزادات وصفقات وجرائم انتهكت حرمة المال العام.. كانت هناك صفقات على سلع مضروبة وكان فى مقدمتها السلع الغذائية الفاسدة التى انتهت صلاحيتها.. كانت الدواجن التى تصل إلى الموانىء لا تصلح للاستخدام الآدمى ورغم هذا تخرج من الجمارك وتباع للناس.. اذكر منذ سنوات رسالة وصلتنى من إحدى السيدات تعمل خبيرة فى أحد الجمارك حين طلبت منها إدارة الجمارك فحص كمية من القمح المستورد واكتشفت الخبيرة أن القمح فى حالة تعفن كامل ولا يصلح للاستخدام البشرى وكتبت تقريرا بذلك لإدارة الجمارك, ولكن التقرير رفض وتم نقلها إلى مكان اخر, ودخلت صفقة القمح فى هدوء ليأكلها الشعب الغلبان.. هناك أوكار كثيرة للفساد فى الاستيراد والبيع والشراء والمناقصات والمزادات, وهناك ثروات ضخمة جمعها اللصوص والمرتشون من دماء هذا الشعب.. إن الأزمة الحقيقية هى الضمير وغياب الرقابة والحساب فى يوم من الأيام كانت أسهم البورصة تخضع لعمليات تلاعب خطيرة فى أسعار الأسهم او هبوطها, وكانت هناك عصابات تدير ذلك كله وجمع عدد من الشخصيات مئات الملايين من وراء ذلك, ولهذا لم يكن غريبا أن يكتشف كامل الوزير هذه الكارثة فى أيامه الأولى فى السكة الحديد رغم أن ذلك يتكرر كل يوم فى أكثر من مكان .. إن مقاومة الفساد أهم شروط البناء والتقدم.