بقلم : فاروق جويدة
منذ فترة طويلة ونحن نتحدث عن سرقة المنابر التاريخية من مساجد القاهرة..وكانت هذه المنابر تباع فى الخارج، وهناك دول عربية تخصصت فى شراء هذا التراث الذى لا يعوض ولم يتحرك احد فى السنوات الماضية والمنابر تنزع من أماكنها وتباع، حتى تقرر أخيراً تفكيك هذه المنابر وتخزينها لإعادة عرضها، وأنا لا أتصور أن يخلو مسجد تاريخي من منبره لأن المسجد والمنبر كيان واحد وروح واحدة..وإذا كانت الحكومة عاجزة عن حماية المنابر داخل المساجد فكيف تحميها فى المخازن وما الذى يضمن ألا تباع هذه المنابر قبل أن تصل إلى المخازن؟..وماذا بعد أن يتم تخزينها هل تذهب إلى المتاحف وما قيمتها فى المتحف بدون المسجد؟..لا أدرى من وراء هذه الأفكار التى تعكس أسلوبا ومنهجا تخريبيا لا احد يفهم أهدافه..إن المساجد التاريخية فى مصر معروفة ومحددة ويجب أن توفر لها الدولة حراسة كاملة وأن تستخدم الأساليب الحديثة فى حمايتها بآلات التصوير والمتابعة وقوات الحراسة وأن تبقى المنابر فى حماية مساجدها ومصليها وسكان الأحياء التى توجد فيها..لم تكن الآثار الفرعونية هى الوحيدة التى تعرضت للنهب والسرقة وخرجت عصابات تخصصت فى ذلك كله ومازلنا حتى الآن نسمح بسفر آثار مصرية قديمة لا تعوض وكثير منها لم يرجع ولم يتكلم احد، على الجانب الآخر فإن هناك متاحف أقيمت على سرقات الآثار المصرية خاصة الإسلامية وما أكثر المخطوطات النادرة التى تنتشر الآن فى متاحف خارجية، بل أكثر من هذا إن تراث مصر الفنى والسينمائي والغنائى تم بيعه فى الأسواق الخارجية ولا توجد لدينا نسخ منه..إن اقتراب أى سلطة من أى مسجد لتفكيك منبره جريمة فى حق التاريخ لأن هذه المنابر أقيمت فى ظروف معينة وفيها عبق التاريخ ودعوات الصالحين وقدسية المكان..لو أن هناك مبرراً واحدا لمثل هذا القرار ما اعترض احد عليه ولكن أن تنزع المنابر من مساجدها ليتم تخزينها فهذا اقرب طريق للعدوان عليها..أحيانا يتصرف أصحاب القرار بصورة عشوائية وكأنهم يتحدثون مع أنفسهم دون اى اعتبار أن هناك شعبا يفهم..ومن حقه ان يحاسب كما يحاسب.
نقلا عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع