بقلم - فاروق جويدة
اقتربت كثيرا من الصديق الراحل د.مصطفى محمود الطبيب العالم الفقيه الصوفى جمع مصطفى محمود كل هذه الصفات فى شخصيته كانت اكبر نوادره لدى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وقد جمعت بينهما صداقة طويلة ونوادر بعضها يحكى والبعض الأخر ليس له مجال.. بدأ مصطفى محمود مشواره الفكرى متمردا بل شديد التمرد وجنح به عقله إلى مناطق كثيرة شائكة وفى مدرسة روز اليوسف الصحفية سمحت له الظروف فى بداية حياته بشئ من الشطط أن يسبح ضد التيار..لم اعرف مصطفى محمود فى هذه الفترة ولكننى اقتربت منه حين وصل إلى شاطئ اليقين وسبح فى ملكوت الله واخرج لنا برنامجه الأشهر العلم والإيمان وقد جمع فيه بين حيرة العالم ويقين المتصوف وإيمان العارف..جمعتنا جلسات طويلة فى بيت عبد الوهاب وكان عبد الوهاب فنانا مبدعا ومتصوفا من طراز رفيع وفى جلسات مصطفى محمود كنت تجد نفسك على شاطئ اليقين بعيدا عن مخاطر الرياح العاصفة ما بين الشك والإيمان..كان انفصال مصطفى عن رفاق مشواره الأوائل حدثا فكريا وثقافيا كبيرا لأنه اختار الجانب الآخر وأصبح قادرا على أن يرد ويقنع ووجد أمامه الملايين التى اهتدت معه إلى هذا الشاطئ الهادئ الوديع حيث التوافق مع النفس ومع الله وكل مخلوقاته إن الإيمان حين يجئ بعد الشك يصبح أكثر قوة ويقينا وهنا كان اختيار مصطفى محمود وهو يغوص فى كلمات الله فى القرآن الكريم أو يفحص الظواهر الكونية بروح العالم الذى درس الطب واقترب من الإنسان أو فى حيرته أمام هذا الكون بظواهره التى تحمل فى كل شئ سؤالا وسؤالا..اختار مصطفى محمود الشاطئ الذى ارتاح فيه فلا هو شيخ يصدر الفتاوى ولا هو إمام يجمع الناس حوله ولكنه اختار أن يفكر فى ملكوت الله ويبحث فيه عن كل جوانب الخلق والحياة وظل يسبح مع الطبيعة حينا والبشر أحيانا واتسم مشواره الفكرى بروح صوفية صافية انه مفكر من طراز فريد فلا هو رجل دين ولا هو شيخ معمم انه مصطفى محمود الذى اختار أن يسافر فى مخلوقات الله أرضا وسماء وبشرا عرف الله وآمن به فى مخلوقاته..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع