بقلم - فاروق جويدة
حزنت كثيراً للطفل الصغير الذى داسته أقدام زملائه فى اليوم الأول لدخول المدرسة .. إن أبن التاسعة الذى سقط وهو يتجه إلى الفصل فى محافظة الدقهلية قصة من قصص العنف الذى نشاهده كل يوم حين يغيب النظام والسلوك السليم يتعامل الأطفال بهذه الوحشية وحين يكون فكر المجتمع هو العضلات يسقط أصحاب العقول تحت الأقدام ويموت الضوء وتنتصر الخفافيش .. كان ينبغى أن يدخل التلاميذ الفصل فرداً فرداً وأن يتجه الطابور من ساحة المدرسة إلى الفصل أمام المشرفين على طابور الصباح وكان من الضرورى أن تكون هناك ضمانات لحماية الأطفال الصغار أمام اندفاع وجنون الأطفال الكبار .. إن ما حدث لهذا التلميذ يعكس فكر مجتمع اختلت فيه موازين الأشياء أن الأقوى هو الأقدر والفكر بالأقدام وليس بالأقلام كما قال يوما كاتبنا الراحل توفيق الحكيم انه زمن الأقدام وليس زمن الأقلام .. إن الطفل الصغير الذى سقط شهيدا تحت أقدام زملائه فى المدرسة يؤكد أننا أمام ظواهر اجتماعية غاية فى القسوة وهى امتداد للأب الذى قتل أطفاله أو الأم التى ذبحت ابنها أو الأسرة التى لم يعرف أحد كيف مات كل أبنائها ..
هذه الظواهر الوحشية تتطلب منا كمجتمع وأسرة ودولة أن نناقش كل هذه الظواهر المرضية التى طفحت علينا فى سلوكيات الشارع والأسرة والمدرسة والجامعة .. لقد ذهب التلميذ الصغير إلى مدرسته حاملا حقيبته الصغيرة وخلفه أم تنتظره وأب حزين ليعود إليهما جثة هامدة داستها أقدام زملاء اخطأ المجتمع فى تربيتهم وتعليمهم السلوك السليم .. بجانب مناهج التعليم والمدرسين والواجبات المدرسية هناك شىء يسمى السلوك وهو يجمع الأخلاق مع النظام مع المسئولية وهذه أشياء ينبغى أن يتعلمها التلاميذ فى المدارس والأبناء فى الأسرة حتى لا يدوس القوى الصغير وحتى لا تكون لغة القوة صاحبة الكلمة العليا إن امتهان العقول هو أول طريق نحو امتهان البشر وحين يموت طفل صغير تحت أقدام زملاء الدراسة فهذا يعنى أن العنف سيد الأشياء وأن العقول تدوسها الأقدام .. بل تقتلها الأقدام.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع