بقلم - فاروق جويدة
كان جيش مصر يخوض ببسالة الحرب فى سيناء وكانت ملحمة العبور وتحطيم خط بارليف والطلعات الجوية التى حطمت الطيران الاسرائيلى فى ساعات قليلة .. كانت لحظة من لحظات المجد والشموخ .. ووسط نيران المعركة كان المصريون يتجهون بقلوبهم إلى سيناء فلم تشهد القاهرة طوال المواجهة مع العدو أى جرائم بين المواطنين ولم تسجل دفاتر وزارة الداخلية اعتداء على مواطن أو جريمة قتل واحدة ولم تكن القاهرة قد عرفت جرائم الاغتصاب والتحرش وكانت أضواء الشوارع تغطى كل شىء فى المدينة العتيقة .. كان الاقتصاد المصرى يومها يعانى ظروفا قاسية أمام التزامات الحرب والسلاح واحتياجات القوات المسلحة واكتفى المصريون بما كان لديهم من الطعام ولم يحاول التجار استغلال الظروف ولم تفرض الحكومة أعباء على الناس رغم حاجتها إلى الدعم.. وكانت صورة العالم العربى فى ارفع وأنبل تحدياتها كان الجيش السورى والجيش الأردني يحاربان على كل الجبهات وكان المتطوعون من الدول العربية يتجهون إلى سيناء للدفاع عن ترابها المقدس ولم يتخلف زعيم عربى واحد ابتداء بالملك فيصل رحمة الله عليه وقراره التاريخى بقطع البترول وانتهاء بالرئيس الجزائري هوارى بومدين وصفقات السلاح التى دفع ثمنها لتصل إلى مصر وتنضم إلى الحشود المقاتلة.. كانت لحظات تاريخية تعكس إرادة هذه الأمة حين وقفت واستطاعت أن تحقق انجازا عسكريا تاريخيا.. ووسط كل هذه المواقف كان صمود الجيش المصرى وهو يرد للوطن كرامته وللأمة كبرياءها.. إن صناعة التاريخ ليست مهمة سهلة ولكنها تمثل القوة والإرادة والإصرار وهذه العوامل تجمعت كلها فى ملحمة أكتوبر.. لقد استخدم جيش مصر كل قدراته من اجل تحرير الوطن واستخدم الشعب المصرى كل إصراره وحافظ على وحدته الوطنية فى لحظة تاريخية صعبة .. وكانت القيادة الحكيمة ممثلة فى أنور السادات الزعيم والقائد وهذه النخبة من قادة القوات المسلحة المصرية كانوا نموذجا فى التضحيات والفداء.. لم ينس العالم العربى نصر أكتوبر فقد كان صفحة مضيئة فى تاريخ مصر والعرب وليت هذه المشاعر تعود مرة أخرى وتعيد لهذه الأمة تماسكها وتعود للشعوب وحدتها وقدرتها على صنع المعجزات..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع