بقلم فاروق جويدة
قرأت حوار الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مع المفكر الكبير خالد محمد خالد والذى نشره الأهرام للسيد سامى شرف مدير مكتب الزعيم الراحل.. فى الحوار يمتد أمامك الأفق البعيد ما بين لغة السياسة ولغة الفكر وكيف يكون الحوار مشعا وصادقا وأمينا من الطرفين وكيف كان عبد الناصر يتابع ما يكتب المفكرون كتبا ومقالات .. وكيف كانت جسارة المواجهة بين كاتب لا يملك غير قلمه وزعيم حرك العالم كله .. لم تكن هذه هى المواجهة الوحيدة لكاتبنا الكبير فقد خاض معارك كثيرة فى الحق مدافعا عن الحرية وكرامة الإنسان ولو لم يكتب فى حياته غير كتابه الرائع رجال حول الرسول لكفى ولكنه قدم سلسلة من أعظم ما كتب عن الحرية فى حياة الشعوب .. عرفت خالد محمد خالد سنوات طويلة وكانت بيننا حوارات وحكايات كنت أزوره فى بيته القديم فى المنيل وكان يسكن شقة متواضعة فى الدور السادس بدون أسانسير وكان إنسانا بسيطا فى كل شىء ولم يفرط فى كرامته فى يوم من الأيام وحين انتقل إلى بيت جديد فى المقطم ساءت حالته الصحية ولم يسترح فى البيت الجديد وظل يطلب من أبنائه ان يعود إلى شقة المنيل القديمة .. كان يكره الطغيان فى كل صوره وأشكاله وظل مدافعا عن الحرية فى كل ما كتب من هنا نبدأ .. مواطنون لا رعايا .. الديمقراطية أبدا .. الدين للشعب .. هذا أو الطوفان ..لا تحرثوا فى الأرض فى البدء كانت الكلمة .. وقد تناول عددا من الشخصيات فى كتاباته وكان أروعها إنسانيات محمد .. معا على الطريق محمد والمسيح .. الوصايا العشر .. بين يدى عمر .. فى رحاب على وداعا عثمان.. وفى كتابه لله والحرية وهو ثلاثة أجزاء دافع مستميتا عن قضية الحرية ولم يتخل عنها يوما حتى رحل .. كان شامخا فى مواقفه مقنعنا فى حججه رائعا فى دفاعه عن الإسلام وقبل هذا كله كان صاحب عبارة نادرة فى العمق والصدق والجمال.