بقلم فاروق جويدة
خرجت انجلترا من الاتحاد الأوروبى وأغلقت صفحة مهمة فى تاريخ القارة العجوز لتجد أوروبا نفسها مرة أخرى فى موقف من اخطر المواقف التاريخية فى العصر الحديث..كانت أوروبا قد هيأت نفسها منذ خمسين عاما لعصر جديد من التفاهم والتعاون والبناء وبعد كوارث رهيبة فى الحرب العالمية الثانية جاء الاتحاد الأوروبى ليجمع أعداء الأمس فى مرحلة جديدة من السلام القائم على لغة المصالح.. ولأول مرة منذ خمسين عاما تجد أوروبا نفسها فى مشهد لا احد يعرف فيه ما هو مستقبل هذه القارة بعد خروج انجلترا..لا احد يعرف لماذا قرر الانجليز الخروج من الاتحاد الأوروبى هل هى الحروب التى دخلتها انجلترا تحت راية الاتحاد الأوروبى فى سوريا وليبيا والعراق..هل هى أخطاء الاندفاع وراء القرار الأمريكى فى اكثر من مغامرة تحمل الشعب الانجليزى ثمنها وهو لا يملك موارد أمريكا ولا أوروبا..هل هى الأزمات الاقتصادية التى عاش فيها الاتحاد الأوروبى وتورطت فيها كل دوله كما حدث مع اليونان واسبانيا..هل هى فاتورة انضمام دول الكتلة الشرقية إلى الاتحاد بعد سقوط الاتحاد السوفيتى وما ذنب المواطن الإنجليزى فى كل هذه المغامرات والأعباء رغم ان انجلترا بحكم الموقع والظروف بعيدة عن مشاكل وأزمات القارة العجوز..هل يشعر الانجليز ان هناك دولا أخرى تتصدر المشهد فى هذا الاتحاد وفى مقدمتها ألمانيا وفرنسا..أسباب كثيرة وراء خروج انجلترا من حليفها التاريخى..ولا احد يعلم إلى أى مدى سوف تتأثر الظروف الاقتصادية فى انجلترا ودول الاتحاد..لقد هبط الجنيه الأسترلينى بصورة رهيبة لم تحدث منذ سنوات بعيدة فقد وصل إلى 1,3 للدولار وهناك شركات مشتركة واتفاقيات للتعاون الأقتصادى وماذا عن الجوانب العسكرية والتزاماتها من الجانبين وقبل هذا كله ماذا عن العلاقات السياسية التى ستشهد واقعا جديدا أمام انجلترا التى أعلنت العصيان على رفاق السلاح فى الحرب العالمية الثانية كان الاتحاد الأوروبى خطوة تاريخية نحو سلام دائم فى أوروبا بعد انهار من الدم تدفقت فى الأربعينيات وهل يعنى خروج انجلترا عودة أشباح الماضى البعيد .. ان انجلترا سوف تغرد الآن خارج السرب ولا احد يعلم من يدفع الثمن انجلترا أم الاتحاد الأوروبى.