فاروق جويدة
لا نطالب أبناءنا بأن يكونوا مثلنا لا نريد منهم ان يحبوا على طريقتنا.. وان يشتاقوا كما اشتقنا وان يحترقوا كما احترقنا..إننا نعرف ان الزمان غير الزمان وان المشاعر تغيرت وان مياه الأنهار قد لوثتها تلال القمامة..وان الإنسان يعتاد القبح ويستمتع به أحيانا..لا نريد من أبنائنا ان يقوموا لنا احتراما كما كنا نفعل أو ان يحزنوا من اجلنا ولكن كل ما نريده منهم ان يكونوا رحماء بنا..ألا يحمل الابن سكينا ويذبح أباه الذى جاء به إلى الحياة..إن هذا الأب قدم عمره يوما يوما وكبر هذا الابن على نبضات قلبه وعاش بين يديه طائرا صغيرا حتى تعلم وكبر وحلق فى سماء الكون..لا نريد منهم ان يحبوا مثلنا فنحن أجيال تفانت فى الحب واحترقت بنيرانه ولكن لا نريد لهم ابداً حياة الكراهية، إن القلوب التى تكره لا يمكن ان تعرف طريقا للخير أو الجمال أو حب الحياة..إن الكراهية اقصر طريق للجريمة..إن الذين ارتكبوا الجرائم الكبرى فى تاريخ البشر أناس كرهوا كل شئ وتمادوا حتى كرهوا أنفسهم..حين يكره الإنسان نفسه لا يستطيع ان يحب شيئا..لا نريد من الأبناء ان يكرهوا الأباء إن المجتمع أحيانا يشجع حشود الكراهية ولكن هل يمكن ان يكره الإنسان نفسه..أمام أحلام مهزومة..يكره الإنسان حلمه..وأمام واقع يرفضني..يكره الإنسان واقعه..وأمام عالم لا يعرف العدل يأخذ الإنسان حقه بيديه وأمام زمان يكرهنى من أين أتعلم كيف احب هكذا يقول الأبناء لم نجد من يعلمنا الحب فكرهنا كل شئ حتى أنفسنا ولم نجد من يأخذ بأيدينا فرفضنا الواقع بشرا واحلاما..ولكن كيف تمتد يد بريئة لتنهى حياة أب برئ أو أم ضعيفة لا تملك الدفاع عن نفسها ..فى زمان مضى كنا نقبل ايدى آباءنا والآن تحمل هذه الايدى السكاكين لكى تسيل عليها دماء الآباء أحيانا اقرأ صفحة الحوادث واشعر ان السطور انهار من الدم حين تجد قصة اب سقط صريعا امام طعنات ابن جاحد..علمناهم الحب ولا احد يدرى من أين جاءت حشود الكراهية التى جعلت الابن يسكر من دماء ابيه..انها محنة اجيال لم تعرف الحب.