فاروق جويدة
بيننا وبين الشعب التركى صفحات كثيرة بيضاء فقد عاشوا بيينا زمنا طويلا وتملكوا الاراضى وعاشوا فى القرى وأقاموا المشروعات واختلطت الأنساب بين المصريين والأتراك وتوجد آلاف العائلات المصرية التى امتزجت فيها الدماء..
على جانب آخر كانت للأتراك صفحات أخرى غير مضيئة فى التعامل مع المصريين فى سنوات الاحتلال العثمانى وقد طالت ابتداء بفرض الضرائب وانتهاء بالاستيلاء على ممتلكات الناس بالباطل.. وللأتراك تاريخ اسود مع الأرمن وقد قتلوا منهم أكثر من 200 ألف فى مذابح تاريخية..وإذا ذهبت إلى اليونان وسألتهم عن أسوأ الأيام عندهم يقولون احتلال الأتراك لنا وقد تجاوز أربعة قرون كاملة فقدت فيها اليونان هويتها كواحدة من أقدم الحضارات فى التاريخ..هناك من دافع بشدة عن حكم الإمبراطورية العثمانية وهناك من أكد أنها دفعت بشعوب كثيرة ومنها الشعوب العربية إلى متاهات التخلف والفوضى ..ولهذا فقد حملت الأحداث الأخيرة التى هاجم فيها الرئيس التركى الطيب رجب اردوغان مصر فى شخص الرئيس عبد الفتاح السيسى بوادر خلاف كبير من بين مصر وتركيا .. ان الأزمة الحقيقية التى يعيشها الرئيس التركى انه مازالت تسيطر عليه مسلسلات حريم السلطان ومازال الرجل يعيش فى زمن السلاطين القدامى ابتداء بسليمان القانونى وانتهاء بسليم الاول مرورا على السلطانة خالدة الذكر والجمال هيام التى ابهرت العالم بجمالها.. ان الرجل لا يذكر ان الغرب وزع الامبراطورية العثمانية فى سايكس بيكو وان الدول العربية قد استقلت وان الولاة العثمانيين قد عادو إلى بلادهم وأن تركيا لم تعد قبلة المسلمين خاصة أنها ظلت حائرة سنوات طويلة ما بين الانتماء للغرب والرجوع إلى الإسلام ولم ينس أيضا ما فعله جيش مصر فى عهد محمد على بالامبراطورية العثمانية.. ان اردوغان يحلم بعودة الدولة العثمانية التى بسطت سيطرتها على نصف العالم فى يوم من الأيام ولكن الرجل الذى يعيش خارج التاريخ قد نسى أن الشعوب تحررت وان السلطان سليم قد رحل وان سليمان القاصنونى فى متاحف التاريخ وان السلطانة هيام لا مكان لها فى ذاكرة العرب والمسلمين .