فاروق جويدة
احيانا أسأل نفسى كيف ترضى أن تكون صوتا من أصوات الباطل..كيف تبيع شرف المهنة واخلاق الرجال وتدخل سوق المزايدات لتدافع عن قاتل أو سارق أو مرتش..كيف تبيع ضميرك من اجل المال وتنام وانت تعرف انك روجت للباطل مقابل بضع جنيهات مهما كان حجمها..أشياء غريبة فى الحياة ان تقف مدافعا عن انسان تعرف كل خطاياه وجرائمه وتضلل العدالة وتخرج به امام الناس نظيفا طاهرا وأنت تعلم انه ملوث فى كل شىء.
كيف تقبل مريضا انت تعرف انه لا آمل فى شفائه ويموت بين يديك الملوثتين بدمائه وتخرج لاهالى المريض وتقول لهم سوف يفيق بعد قليل وتأخذ الآلاف وتمضى بسيارتك عائدا لابنائك والمريض فى رحاب خالقه..كيف تطعم ابناءك هذا المال وانت أول من يعرف انه مال حرام..كيف تبيع قضاياك وانت تمثل العدالة أعظم ما خلق الله على الأرض وتتسرب اوراق القضية وتضيع ليصبح المتهم بريئا وتغيب الحقيقة ويسدل الستار، كيف تبيع قلمك وانت تشم روائح جريمتك كل يوم على صفحات صفراء أو شاشات ملوثة بحقوق الأبرياء..هذه الظواهر جميعها كانت موجودة وكانت قليلة بل نادرة وكان الصعب ان تجد مسئولا سرق المال العام..او صاحب قرار لم يكن أمينا على مال الشعب وكانت السرقات حالات استثنائية نادرة، وقليلة ولكن الغريب الآن ان تسمع من يقول لك عندك محام امين أو كاتب محترم أو طبيب عنده ضمير..احيانا نسمع من يقول لك هذا وزير سمعته طيبة وهذا مسئول عاش ومات بالحلال ولم يترك شيئا لابنائه..الغريب ان تجد من يقول يا اخى والله فلان مش حرامى اى أن الامانة اصبحت هى الاستثناء أو يقول هذا الاعلامى مؤدب وكأن غير ذلك هو الأصل والأساس..إنها منظومة القيم التى اختلت وتجد على الشاشات من يتاجر بالباطل ومن يبيع نفسه كل ليلة لمن يشترى، وتتساءل أين ذهب ما كان يسمى الضمير واين رحلت منظومة الأخلاق والغريب أن يتبجح الإنسان بالباطل ويفتخر بقلة الأدب ويزهو بالصفاقة ويتعلم الأبناء كل هذا وتنبت اجيال فاسدة تعلمت من آبائها النفاق والضلال والبجاحة..اليست كارثة؟! .