فاروق جويدة
اختلفنا فى زمان مضى سنوات طويلة ايهما يسبق الآخر رغيف الخبز ام الديمقراطية وكانت النظم الحاكمة ترى ان رغيف الخبز ضرورة وان الديمقراطية رفاهية وجاء علينا وقت لم نجد فيه الاثنين معا فلا نحن وجدنا الرغيف ولا وجدنا الحرية.
وبعد ثورة يناير تحول المصريون الى اسطورة عالمية حين خرج الشعب واطاح بالنظام واسقطه من عرشه وقال العالم كيف قدم المصريون هذا النموذج الرفيع فى الثورة .. ولم يستمر الحال طويلا فقد قفز الإخوان المسلمون على الثورة ووصلوا الى الحكم واستولوا على اكبر دولة عربية ولكنهم سرعان ما اخفقوا امام قصور التجربة وفشل الإدارة وعدم القدرة على إدارة شئون بلد كبير فى حجم مصر.. وكما فشلت انظمة سابقة فى تحقيق معادلة الحرية والرغيف فشلت تجربة الدين والسياسة.. ومازلنا حتى الآن ندور فى فلك فوضى الشارع وارتباك المشهد وبقى السؤال حائرا هل هو الرغيف ام هى الحرية والسؤال ولماذا لا يكون الاثنان معا ان الإنسان لا يستطيع ان يعيش بلا رغيف وهو لا يستطيع ايضا ان يبقى سجينا طوال حياته .. ولهذا لا بد ان تتغير نظرتنا للحياة والأشياء لأن الديمقراطية لا تعنى فقط المظاهرات ولا يوجد شعب فى العالم لديه القدرة ان يتظاهر طوال العام بلا عمل او إنتاج ومن أين يعيش إذا تحولت الحياة الى شكل من اشكال الفوضى ان السبب فى ذلك كله هو الفهم الخاطئ للأشياء لأن توفير رغيف الخبز يعنى بالضرورة العمل والإنتاج، والحرية والديمقراطية لا تعنى ان نجلس فى الشوارع رافضين كل شىء من هنا لا بد ان نسترد شيئا عزيزا هو الأمن والاستقرار .. ان الحياة بلا امن صفقة خاسرة ورغيف الخبز بلا استقرار عمر ضائع والديمقراطية بلا ضوابط تصبح حالة من حالات الفوضى المزمنة .. وعلى المصريين ان يراجعوا انفسهم لأننا لن نقوم بثورة كل يوم ولن نخلع رئيسا كل عام ولن نجد من يمد لنا يد المساعدة ونحن لا نعمل .. افيقوا يا بشر يرحمكم الله .
"الأهرام"