فاروق جويدة
أمنية صغيرة هربت فى زحام الأمانى المستحيلة وما أكثرها فى حياتنا.. تمنيت لو اننى صافحت العام الراحل معك الليلة واستقبلت فى ضوء عينيك عاما جديدا.. ان الإنسان منا قد يحقق فى مشوار حياته أشياء كثيرة هناك من يرى سعادته فى ان يجمع المزيد من الأموال وهناك من يسعى لحب الناس وهناك من يفعل الخير حبا فى الخير.. وهناك من ضيع حياته فى إيذاء الآخرين والحقد على خلق الله بالحق والباطل.. وسط هذا الزحام البشرى فى سوق الأمانى هناك إنسان يتمنى لحظة حب صادقة هربت من يديه ويريد استرجاعها حتى لو كانت أخر لحظات عمره.. هناك فى هذا الزحام سوف يصافح الإنسان وجوها كثيرة تتداخل أمامه ملامح البشر، العيون، والأصوات، والصرخات والأغانى والأضواء.. عناق الأحباب وفرحة الأعياد والقلوب تتصافح فى ليلة من ليالى العمر الفريدة.. هناك بعيداً يقف إنسان ما فى مكان ما.. ولحظة ما يستعيد صورة وجه طبعته الأيام على ملامحه فأصبح يراه فى كل الوجوه ويلتقى به فى كل الأماكن.. ليت الأقدار جمعتنا والعام الراحل يصافح العام القادم.. لماذا تبخل الأيام علينا بأشياء صغيرة، ان هذا الإنسان الذى ينتظر هذا الحلم الصغير لا يبحث كالآخرين عن أرصدة فى البنوك أو مناصب بين كبار القوم، انه فقط يريد قلبا يحتويه فى ليلة هو يعلم انها لن تعود مرة أخري.. انه فقط يتمنى هذا اللقاء العابر ان تتصافح الأيدى وتتعانق القلوب وتطل الأحلام مرة أخرى على هذه الملامح الشاحبة، ربما أعادت لها نبض الحياة ومتعة الأمل.. وسط زحام الناس وحين تختفى الأضواء وتسافر فى رحلة صمت أبدية سوف ابحث عنك فى كل الوجوه.. اعرف اننى سأراك رغم انك بعيدة.. واعلم انك هناك وأنا هنا وحدي.. وأدرك ان الأمل ضئيل جدا فى ان تضئ عيناك وسط هذا الظلام العابث..انك لست بعيدة فمازلت فى ركن بعيد فى ربوع القلب المتعب تسكنين.. إذا كان الآخرون يبحثون عن أشياء بعيدة فأنا ابحث عنك فى قلبى.
بعيدان نحنُ ومهما افترقنا
فما زالَ فى راحتيكِ الأمانْ
تغيبين عنى وكم من قريبٍ
يغيبُ وإنْ كانَ ملءَ المكانْ
فلا البُعـدُ يعنى غيابَ الوجوه
ولا الشَّـــوقُ يعرفُ قيدَ الزمانْ