فاروق جويدة
آى الأشياء أهم في حياة الإنسان..الحب..أم المال..أم الصحة..حين يقف الإنسان وحيداً في آخر المشوار يواجه قدره أى هذه الأشياء سيبقى معه.. هل تبقى ذكريات حب عاشها وشعر فيها بإنسانيته..أم سيبقى المال الذى تكدس في حساباته ما بين الحلال والحرام..أما الصحة فهى زائر عزيز سرعان ما يحمل أشياءه ويرحل حين تخبو نبضات القلب وترتعش الايدى وتهدأ الأنفاس..حين تغمض عينك على ذكرى جميلة لإنسان احبك قد لا تجد في حياتك أشياء كثيرة ولكن سوف تجد يداً تمتد إليك في ساعة ألم أو حزن و ضيق..إنها رسول سلام يمنحك الأمن والسكينة وسط ليالى موحشة..ليس من الضرورى ان تجتمع حولك عشرات القلوب ولكن يكفى فى زحام المشاعر وتكدس الأيام ان تجد قلبا صادقا بجوارك..ان القلب المتعب يفيق على نظرة حانية وابتسامة صافية ووجه ملائكى جميل..ساعتها سوف تدرك ان الحب هو الغنى الحقيقى..لا يهم ان تكون في قصر منيف أو بيت صغير أن المهم ان تشعر بالدفء والرحمة.
وحين تجلس وتشاهد حولك دفاتر الشيكات والقصور والأصول والأموال والأطباء حولك عاجزون على استرداد لحظة من عمر مضى..تتمنى ان تأكل شيئا..أن تزور مكانا ما..ان تستعيد ذكرى مع قلب أحببته ان تبحث عن دواء ولا تجده ان تفكر في السفر ولا تستطيع لأن الجسد همد والنبض خفت ساعتها سوف ترى المال مجرد خرائب تحيط بك وتسأل نفسك من أين جاء هذا المال وهل كان حلالا أم أنه تلوث كثيرا في مستنقعات الحرام..وتندم على ما مضى حيث لا يفيد الندم.
وحين تراودك الصحة عن نفسها وتكتشف ان البدن ضاق من قسوة الأحلام وان الجسد لم يعد يحتمل حشود الألم والمعاناة وتتمنى ان تعيش ليلة من زمن بعيد كنت فيه الفارس المقدام والدنيا أمامك اكبر من كل أحلامك وتتعجب كيف صار الجسد عبئا..وأصبحت الأحلام بعيدة المنال وما كنت تجرى إليه أصبح تحت أقدامك ولكنك لا تستطيع الوصول إليه..ساعتها سوف تتمنى ان تعيش لحظة جنون قديم لأنها أفضل كثيرا من جسد أثقلته الهموم..لهذا حاول ان تختار أشياء تبقى ولا تخدعك أشياء لن تدوم.