فاروق جويدة
لم يكن مطلوبا من الرئيس عبد الفتاح السيسى ان يقدم اعتذارا للمحامين لأن واحداً منهم تعرض للإهانة من احد ضباط الشرطة..ولكن الرئيس يقدم نموذجا في المسئولية والترفع حتى لو كان رئيسا لمصر..لم تكن المرة الاولى التى احتوى فيها الرئيس إحدى الأزمات فقد فعل ذلك حين اضرب الطيارون في شركة مصر للطيران والحقيقة ان الاعتذار أسلوب غير مألوف في دائرة القرار المصرى فقد نسينا هذه الأخلاقيات منذ زمن بعيد فقد كان المطلوب دائما ان يعتذر الشعب كل الشعب حتى وإن لم يخطئ أما سادة الشعب فهم اكبر من الاعتذارات واكبر من الاخطأء..ولقد كبر الرئيس السيسى في عيون المصريين وهو يقول للمحامين حقكم على رأسى..أنها لغة إنسان مصرى بسيط لم يتلقن دروس الفرعنة التى عرفها المصريون زمنا طويلا..وحين هبط الرئيس السيسى من سيارته في أمريكا وتوقف موكبه مخالفا في ذلك كل تعليمات الأمن فقد كان يغلب مشاعر المواطن على سلطات الرئيس..وحين صافح مستقبليه من أبناء مصر الذين تجمعوا من كل دول أوروبا في برلين فقد كان يرد لهم الجميل لأنهم جاءوا من كل بقاع أوروبا يؤيدون رئيسهم ويرفعون راية وطنهم امام العالم..هذه اللمسات الرفيعة من رئيس مصر تؤكد أننا أمام نموذج جديد لم يتعود عليه المصريون لأن السلطان كان دائما قابعا خلف متاريس حكمه وقوات أمنه وعصابة المتسلقين والمنافقين..قليلا ما هبط سلاطين مصر ونزلوا إلى الشارع وسمعوا أنين المتعبين وقليلا ما وصلت اليهم انات الشاكين لأن الأسوار كانت دائما تمنع وصول أصواتهم إلى صاحب القرار، ان اعتذار الرئيس السيسى للمحامين سلوك حضارى رفيع ينبغى ان يكون قدوة لأصحاب القرار في مصر ودليلا على ان مصر فعلا تغيرت وان هذا الشعب الذى أطاح بنظام فاسد ونظام فاشل وعميل لن يقبل ان يهان مرة اخرى من اى سلطة كانت..ان الرئيس السيسى وهو يعتذر كان يفكر بعقلية المواطن البسيط الذى لا يقبل الهوان لنفسه ولشعبه ولهذا وجد هذا الاعتذار صدى كبيرا في قلوب المصريين ليس مجرد اعتذار من رئيس ولكنها كرامة وطن وكرامة مواطن.