فاروق جويدة
اختلف الناس فى تحديد معنى السعادة وما هى اسبابها.. منذ زمان بعيد كان بسطاء الناس يقولون ان السعادة هى راحة البال، ان تنعم بما بين يديك وتقنع بما تملك وتترك الأقدار تحدد مسيرتك..
وهناك من يعتقد ان المال هو السر الأبدى للسعادة.. حين تملك المال تستطيع ان تفعل كل ما تريد انك بالمال تشترى الأشياء ويمكن ان تشترى البشر..وهناك ايضا من يتصور ان السعادة فى الأسرة والأبناء لأن فيهم استمرار الحياة والحقيقة ان السعادة لا تصنع الإنسان لأن الإنسان هو القادر على صنع السعادة..ان راحة البال رغم بساطتها جزء من السعادة هناك اشخاص لا ينامون الليل ويتقلبون على الفراش كأنهم فوق بركان من الألم..وهناك من ينام راضيا ويشعر بالسعادة لأنه لم يظلم احدا فى يومه ولم يعتد على حقوق الآخرين وكان سعيدا بعمله راضيا برزقه قانعا بما منحته له الحياة..ان المال يسعدنا ولكنه ليس المصدر الوحيد للسعادة وكثيرا ما كان المال سببا فى متاعب كثيرة. تستطيع ان تشترى بالمال نفوسا ضعيفة ولكنك لا تستطيع ان تشترى بأموال الدنيا يوما واحدا يضاف لعمرك.. والمال ليس اكثر من وسيلة والمطلوب ان يوفر لنا الحياة الكريمة وليس من الضرورى ان تملأ الخزائن والبنوك لكى تشعر بالسعادة. ان المال يمنحنا إحساسا جميلا بالأمن من غدرات الزمن ولكنه ليس الصديق الدائم الذى تثق فيه وكثيرا ما خان المال اصحابه وتركهم بلا شئ على قارعة الطريق..اما الأبناء والأسرة فهم من اهم جوانب الاستقرار فى حياة الإنسان ان الإبن الفاشل محنة والطفل الجائع كارثة والأسرة المفككة ازمة بلا حل.. ولهذا فإن الإنسان قادر على ان يصنع لنفسه السعادة.. حين يكون لديه من المال ما يكفى يصل الى درجة القناعة فينام سعيدا راضيا.. وحين تمتد جسور الرحمة والمودة بينه وبين الناس فهو يشعر بحب الآخرين ويبادلهم الود بالود..وحين يجد نفسه بين ابناء اتقياء وزوجة صالحة واسرة تخاف الله فهو يعطى بلا حدود..المهم ان يأخذ الإنسان من كل هذه الأشياء نصيبا حتى وان كان قليلا.. ليس من الضرورى ان تحصل على كل شىء لتكون سعيدا.
"الأهرام"