فاروق جويدة
من الخطأ ان نقيم العمل الفنى من خلال الأداء فقط ولكن من حيث المسئولية فلا يوجد فن بلا هدف أو مسئولية..هناك عالم كبير يتمتع بقدرات خاصة فى درجة الذكاء وهناك أيضا لص على نفس الدرجة من الذكاء وربما أكثر ولكنه استخدم قدراته فى سرقة بنك بينما العالم استخدم نفس القدرات فى اكتشاف دواء جديد..ولهذا انا لا يبهرنى كثيرا أداء الفنان حتى لو كان عبقريا دون النظر إلى الرسالة التى يريدها أو الأثر الذى تركه لدى المشاهد..هناك أعمال تتسم بالسطحية أو الفكاهة ولكن مثل هذه الأعمال تبحث فقط عن الابتسامة وهذه تؤدى دورا فى الحياة وتفتح أبوابا للتفاؤل ولكن اذا كنا أمام قضية هامة وفنان قدير وفكر فاسد فهذه كارثة..اننى أخشى كثيرا على البشر العاديين من حيل الإقناع الشديد التى تتسم بها بعض الأعمال الفنية وربما كان هذا هو السبب الرئيسى فى ان روايات وأفلام الجريمة من أكثر الأعمال انتشارا فى العالم وتباع منها مئات الملايين من القصص والأفلام رغم إنها من حيث القيمة لا تمثل شيئا فى دنيا الأدب والفن والإبداع .. أحيانا تشاهد فى احد الأفلام امرأة لعوبا تؤدى دورها بمنتهى الإتقان وتشعر انها تحمل رسالة وضيعة جدا إنها تقنع الناس بالخطيئة وتمارس الأشياء بقدرات عجيبة ولكنك فى النهاية تسأل وأين الفضيلة اذا كانت الخطيئة بكل هذا الإقناع ان الإنسان ليس فى حاجة إلى من يعلمه الرذيلة لأنه خلق بها وعاش وهى جزء من حياته وتاريخه ولكنه يحتاج إلى من يهذب هذه الخطايا وعلى الأقل يقدم الوجه الآخر لها وهى الفضيلة .. ان الفن والإبداع بهذه الصورة لا يقل خطورة عن تجارة المخدرات وتجارة الجسد والشذوذ .. لا ينبغى ان نحجر على الفنان فى اختيار مواقفه وقناعاته ولكن يجب ان يحرص على ان يكون صاحب رسالة نبيلة حتى لو اتخذ من القبح طريقا..ان تجميل القبح وترويج الرذيلة وانتهاك قيم البشر لا ينبغى ان يكون رسالة للفن لأننا فى آخر المطاف نريد حديقة جميلة وليس مقلبا للقمامة