فاروق جويدة
المسرح القومى ليس مجرد تاريخ أو مسرحية أو كتيبة من الفنانين .. انه وجه من وجوه مصر الحضارية والثقافية ..
في ذكراتى صورة لن انساها يوم شاهدت من بعيد دار الأوبرا القديمة وهى تحترق في ميدان العتبة .. كان المسرح القومى مزارنا وكان سور الأزبكية والحديقة اكبر أسواق الكتب التى طافت حولها زمنا عقول الأمة العربية وليس مصر وحدها .. لا يوجد مثقف عربى كبير الا وكان سور الازبكية مزاره الذى يطوف حوله كل عام يشترى من جواهر الكتب ما يريد .. لم انس قصة احتراق المسرح القومى مرتين في اقل من عشرين عاما كان الحريق الاول في الثمانينيات واطفأ المسرح انواره وظل سنوات لا يقدم عروضا وفى عام 1986 عادت للمسرح القومى أضواؤه وكان من حظى ان يتم افتتاحه بمسرحيتى دماء على ستار الكعبة وقام ببطولتها القديرة سميحة أيوب والمبدع يوسف شعبان مع نخبة من نجوم المسرح القومى من اخراج هانى مطاوع .. واحترق المسرح القومى للمرة الثانية وجاءت مواكب الفن تحتفل بعودته مضيئا مشرقا في حضرة رئيس وزراء مصر ابراهيم محلب ووزير ثقافتها جابر عصفور واعداد كبيرة من اهل الفن في حفل كبير كرمت فيه الدولة تاريخ مصر الحافل ممثلا في نخبة من النجوم الذين أضاءوا وجه مصر الثقافى لسنوات طويلة . ورغم جلال الموقف وصورة الأضواء التى تحيط بالمكان وعبق التاريخ متجسدا في الماضى والحاضر الا ان الحفل كان يحتاج إلى تنظيم اكثر ازعجنى كثيرا ان يقدم فيلم تسجيلى في حرم المسرح القومى باللغة العامية رغم ان نجوم هذا المسرح كانوا من حماة وفرسان اللغة الفصحى نثرا وشعرا وبيانا .ان عودة المسرح القومى عودة لروح الفن المصرى الأصيل ويجب أن تنطلق من رحابه صورة مصر الحقيقية بفنها الرائع وان يكون هذا الافتتاح بداية عصر جديد من الفن الراقى .. ان إضاءة ميدان العتبة وعودة المسرح القومى وتكريم الفنانين وهذا العبق التاريخى يمثل عودة الروح إلى شعب كان دائما وسيبقى وطنا للفن الجميل والإبداع الراقى في كل زمان ومكان .