فاروق جويدة
العفاريت والجن يحرقون البيوت فى قرى الدلتا.. والمسيخ الدجال يظهر فى الصعيد ويدعى النبوة، والمنجمات القادمات من كل الدول العربية إلى قاهرة المعز مع بداية العام وحكايات الأبراج والنجوم وأشخاص يبتلعون أمواس الحلاقة والمسامير وقطع الحديد، كل هذه المعجزات دارت فى سماء مصر خلال الأسبوع الماضى..أمام وطن تبلغ نسبة الأمية فيه 30% ومعهم أمية ثقافية أكلت عقول الملايين لك أن تتخيل مجتمعا يبنى ويحلم ويستعيد ذكريات ثورتين عظيمتين..العلماء حائرون مع رجال الدين حول حرائق الجن والنيران التى تنتقل من بيت إلى بيت..والمسيخ الدجال جاء من الصعيد على شاشات القاهرة يحكى عن أسرار ظهوره..وعلى كل شاشة سيدة تقرأ البخت وتنتقل بنا ما بين زحل والمشترى والزهرة، وهناك من يخرج العفاريت من المصابين هذا عفريت طيب وهذا عفريت شرير وهناك المتزوجون من الجن..مساحة رهيبة من الجهل والتخلف تطل علينا كل ليلة فى عشرات الفضائيات والمهم الوجبة الدسمة من الخزعبلات وأكبر عدد من العفاريت والجن ووسط هذا كله أحدث وسائل زواج البنات عن طريق استخدام عفريت لكل فتاة.. إن أخطر ما فى الخزعبلات أن تجد عالما يفسر ورجل دين يشرح وضحايا يتألمون من جرائم العفاريت.. لك ان تتصور واقعا بهذه الصورة هرب من الحياة تماما واتجه إلى عوالم الأرواح والجن والعفاريت..
تجارة رابحة وأموال تتدفق وكل واحد يبحث عن أفضل وسيلة لنشر الخرافات وتأتى الاستفسارات والتساؤلات والأموال من كل جانب، هناك من يبحث عن حلول لأزماته وهناك من تبحث عن عريس وهناك من يريد الدواء والعلاج وأمام اختفاء الأدوية من الأسواق وهروب الشباب من الزواج والبحث عن حظ طيب فى عام جديد ونشر المزيد من الجهل والخزعبلات يجتمع أفراد الأسرة وهم يصدقون ما يقال لهم من التخيلات والخزعبلات.. فى بلاد كثيرة تدخل هذه الأعمال فى سجل الجرائم التى يعاقب عليها القانون لأنها ابتزاز ونصب وتحايل وفى مصر أصبحت المستشفى والدواء والمأذون وليلة العرس والطريق إلى الجنة..لا أدرى من يقف وراء هذا الهجوم العفاريتى على الشخصية المصرية العريقة والمثقفة والواعية والمحبة للحياة.. من يعيد المصريين إلى عالم الحقيقة وينقذهم من دنيا العفاريت.