فاروق جويدة
لا تتعجب أن تتساقط صور الناس من حديقة أيامك مثل الأوراق الصفراء التى تحملها رياح الخريف والأيام والسفر..لا تتعجب اذا لاحت امامك صورة كانت بالأمس مضيئة زاهية وقد تحولت إلى خيوط شاحبة
.. إن بقاء الأشياء يحتاج إلى الرعاية والاهتمام..
اذا أهملنا العمارة تساقطت جدرانها مع الزمن وإذا بخلنا على الأشجار بالماء والضوء والهواء ماتت حزنا وإذا نسينا صديقا أو حبيبا فلا يمكن أن تبقى جسور التواصل بيننا كما كانت..
كل الأشياء يمكن أن تختفى بل يمكن أن تموت.
. إذا بخلت الأمطار على الأنهار بالماء جفت الأنهار وتشققت الأرض..أصعب الأشياء أن تشاهد الأرض وقد أكلها الجفاف وما يحدث فى الأرض يحدث فى البشر كم من حبيب رعيته واخلصت له ولم تبخل عليه بشىء وتسرب من بين يديك لتجده بعيدا مثل شجرة وحيدة تقف عارية فى الصحراء..
أناس كثيرون ينسحبون من حياتنا فى ظروف غامضة وتجد كل واحد فى طريق لأسباب لا تعرفها ولكن الخيوط تقطعت والأسماء غابت والوجوه رحلت خلف سحابات النسيان..وتتعجب هل كان حبا وهل كانت صداقة وحين تصارح نفسك وتسألها تكتشف انه كان حبا ولم يكن نزوة وان الصداقة كانت رحلة عمر ولم تكن مجرد لقاء عابر ولكن ما سرى على الآخرين سرى عليك..
إن الفصول تتغير..والسحب الكثيفة تشاهدها فى الشتاء وقليلا ما تظهر فى الصيف وزهور الربيع لا تحتمل قسوة الجليد وكذلك الحب مع الإهمال والجحود يمكن أن يصبح شيئا آخر إن أجمل ما فى الحب التواصل وأجمل ما فى التواصل الرغبة وأجمل ما فى الرغبة المشاركة وإذا اختفت هذه الأشياء تحول الحب إلى كائن غريب مشوه فلا هو إحساس ولا هو حنين ولا هو ذكرى .. انه صدفة جمعت قلبين أو رحلة سفر جمعتك مع إنسان آخر ونزل كل واحد فى محطة الوصول ..
لا تتعجب إذا وجدت الحديقة الجميلة التى زرعتها فى ليلة حب وقد تحولت إلى مكان مهجور تتسلق فيه الحشائش وتعبث فيه أسراب النمل ..حين يفتقد الحب الرعاية والاهتمام اقرأ عليه الفاتحة ولا تحزن على الراحل العزيز.