فاروق جويدة
ماذا يعنى ان نتحدث كثيرا عن الفضيلة ونحن نرى كل يوم عشرات بل آلاف الجرائم في القتل والتحرش والنهب والسرقة..ماذا يعنى ان تزداد حشود المصلين في المساجد كل يوم بينما يتراجع المستوى الاخلاقى والسلوكى في كل شىء.. ماذا يعنى ان نقيم احتفالات بأعياد الحب ونطلق البالونات الحمراء تزين وجه السماء بينما تتغلغل الكراهية في النفوس وتزداد مساحات السواد في القلوب..ماذا يعنى ان نتحدث عن مشاعر الأبوة والأمومة ونحن كل يوم نقرأ عن جرائم ارتكبها الأبناء ضد الآباء والأمهات، هذا قتل أمه وهذا ذبح أباه..هل هو انفصام في الشخصية ان تجتمع الفضيلة مع الرذيلة ويحدث الصراع بينهما وننتظر لمن يكون الفوز.. ان نصلى في المساجد ثم نجد من يرتكب المعصية في بيوت الله..ان نتغنى بالحب ولا نستطيع ان نخفى حشود الكراهية في قلوبنا..ان هذا يؤكد أن الإنسان أصبح بوجهين..وان له قلبين..وهو يرى بنصف عينيه وهذا الانقسام أو الانفصام في الشخصية يعكس أمراضا نفسية مزمنة..فهل هو الخوف الذى جعل الإنسان يظهر غير ما يبطن هل هو القهر الذى جعلنا نكره كل شىء وفقدنا القدرة على ان نحب هل هو الاستبداد الذى شوه الأشياء داخلنا وجعلنا أغرابا في نفوسنا وأغرابا في أوطاننا فأصبح الكذب سلطة رائجة في كل سلوكياتنا..أحيانا تجد قصة حب بريئة وجميلة وصادقة وانتهت بزواج سعيد وسرعان ما يفترق الأحباب وتسأل ماذا حدث وترى الإجابة غريبة لقد انتهى الحب وبدأت رحلة الملل فهل هى الرفاهية التى أفسدت العلاقات بين الناس ام هو الفقر الذى شوه صورة الأشياء أم هى الأمراض التى اجتاحت المشاعر فكانت الغربة والضياع وفقدان الأمل.. حين اشاهد على الشاشات اكاذيب الحب.. ومساحات الدماء..وحشود الجرائم والاغانى التافهة التى خاصمها الصدق وغاب عنها الإحساس أتعجب من هذا المجتمع الذى جمع كل التناقضات فهو يحب ويكذب ويصلى ويخطئ.. ويعيش الفضيلة نظاما ويمارس الرذيلة قناعة.. حين تختل موازين الأخلاق بين الناس يتداخل الضوء في الظلام ويصنع لوحة سريالية مشوهة فلا هى الليل ولا هى النهار انها شىء ممسوخ وضائع ما بين الكذب والحقيقة.