فاروق جويدة
قالت:لاأدرى لماذا تغيرت حياتى فى السنوات الأخيرة وفقدت القدرة على التسامح..اشعر بأننى كنت أكثر ترفعا فى مشاعرى كنت أحب الناس أكثر..وأتواصل معهم بود وقناعة..
وكنت أعطى بلا انتظار لأى مقابل..وكنت اشعر ان العلاقة بينى وبين الأشياء أكثر رحمة ومحبة..والآن اسودت مناطق كثيرة فى مشاعري..لقد واجهت أزمات كثيرة وأعطيت كل ما عندى لأشخاص لا يستحقون والآن يحاصرنى الندم كلما تذكرت ما قدمت وما جنيت..إننى حزينة على نفسى وغاضبة منها..أريد ان استعيد الإنسانة التى فقدتها أمام ظلم وبشاعة الآخرين.
قلت:من أصعب الأشياء ان يزرع الإنسان شجرة ياسمين ويكتشف أنها شجرة صبار او أن يبنى بيتا جميلا ثم يكتشف أن الحديقة مليئة بالحشرات او أن يختار رفيق عمر يمنحه كل شئ ثم يدرك انه مخادع كبير..كثيرا ما تخدعنا مشاعرنا وكثيرا ما يضللنا قلبنا المسالم ويسقط فريسة أمام الآخرين..إن قسوة الناس أحيانا تتجاوز كل حدود الاحتمال ويبدو ان قلبك الطيب قد تحمل الكثير من سخافات الآخرين وان هذا القلب المسالم قرر ان يتمرد عليك..لم يعد يحب كما كان..ولم يعد ينبض كما اعتدت عليه ولم يعد يشتاق او يحن او حتى يتسامح..لقد أعلن ثورته وعصيانه..ولأنه تحمل الكثير كان غضبه عارما وكان عصيانه فوق احتمالك..انك الآن حائرة بين قلبين..قلبك الصغير الطيب..وقلبك الثائر العنيد، الأول يريد أن يعيش ماضيه الذى كان والثانى يرفض كل شئ والحل عندى أن تكون لديك القدرة لتجاوز هذه المحنة..لابد ان تقنعى نفسك بأنك لن تكونى غير ما أنت عليه..انك أحببت لأنك تعرفين معنى الحب.. وقد تسامحت لأن طيبة قلبك لن تقبل إلا التسامح وانك أعطيت لأن العطاء جزء من شخصيتك التى اعتادت على العطاء..ان عشاق الجمال يرون أنفسهم اولا فى هذا الجمال والذى يعطى لا يتصور نفسه أبدا فى مكان آخر..والذى يحب لا ينتظر شيئا من احد انه لا يستطيع ان يكون غير نفسه ولهذا يحب كل شئ فى الحياة، ان متعة التسامح أجمل كثيرا من نشوة الانتقام..وان ينام الإنسان وقلبه ينبض بالحب أفضل كثيرا من ان ينام على أطلال الكراهية.