فاروق جويدة
جلست أتصفح كتاب د. محمد رضا عوض خبير العظام وأستاذ الطب الطبيعى عن عصور ازدهار الطب في الحضارة الإسلامية ومئات الأطباء العظام الذين اثروا التجربة الإنسانية في العالم وأقاموا المستشفيات والمراكز الطبية والعلاجية قبل ان يعرف الغرب شيئا من ذلك كله..
كتاب ممتع يتجول فيه المؤلف الطبيب ما بين المنشآت الطبية واكتشاف الأمراض وأعمال التشخيص وطرق البحث العلمى في الطب والجراحة والأدوية والطب الوقائى..عرف المسلمون القدامى طب الأسنان وأمراض القلب والكلى والطب النفسى والعلاج الطبيعى وكانت المستشفيات بالمجان لكل افراد الشعب الفقير قبل الغنى والحاكم والمحكوم سواء..وحين أقيمت المستشفيات في العالم الإسلامى كانت أوروبا لا تعرف شيئا من ذلك حتى أقيم أول مستشفى في فرنسا بعد خمسة قرون من إنشاء أول مستشفى في الحضارة الإسلامية..وتحدث الكتاب عن رموز الطب في العالم الإسلامى في عصوره الذهبية الرازى وابن سينا وابن النفيس والزهراوى والبيطار والكندى وكانت هناك مدارس للطب تخصصت في دراسة فروعه المختلفة..ومن اسبانيا وربوع الأندلس الخضراء انتقلت علوم المسلمين إلى دول أوروبا في عصور ظلامها وتخلفها..وقد نجحت حركة الترجمة في نقل تراث الحضارات القديمة من أوربا والهند والصين إلى اللغة العربية وكانت قرطبة من اهم المراكز الثقافية والطبية في العالم في ذلك الوقت هناك عدد كبير من المؤرخين الأجانب الذين أشادوا بدور الأطباء العرب والمسلمين في تاريخ البشرية وفى التقدم العلمى بصورة عامة..كتاب ممتع انتقل فيه د. رضا من التاريخ إلى الحاضر ليقدم صورة حضارية عن أحوال المسلمين في يوم من الأيام حين قدموا للعالم هذه النماذج الرفيعة في الفكر والعلوم ومهدوا طريق البشرية لبناء الحضارة المعاصرة في كل مجالاتها وقد أقيمت مدارس الطب في فرنسا وايطاليا وجنوب أوروبا على نفس الأسلوب الذى أنشئت عليه المدارس الطبية في العالم الإسلامى..من يقرأ التاريخ ويشاهد صورة الحاضر الكئيب يحزن على امة علمت العالم بالفكر والإبداع والخيال ثم أصبحت الآن تعانى كل أمراض التخلف والجهل والجهالة..تبدو المسافة بعيدة جدا بين امة علمت البشرية وواقع حزين أصبح الإرهاب فيه سيفا مسلطا على رقاب البشر.