فاروق جويدة
أكثر ما يهدد البشر ان تغيب الرحمة..ان غياب الرحمة يفتح كل أبواب الكراهية وحين تنتشر أشباحها في الشوارع والطرقات تظهر حشود العنف والإرهاب..
ان الرحمة أنبل الصفات في دنيا البشر وهى تسبق كل المشاعر الأخرى ومن عرف الرحمة لابد أن يعرف طريق الحب..
وإذا غابت فلا حب ولا عطاء ولا تصالح..ومع الرحمة نتعلم معنى العطاء وتكبر فينا أشجار القناعة ولا نتصور الحياة إلا مع الآخرين لأن الأنانية لا تجتمع مع الرحمة والإنسان الأنانى لا يحب إلا نفسه ولا يرى في الكون شيئاً سواها ولهذا يقف وحيداً في هذه الحياة لأنه يقطع كل خيوط التواصل والمودة مع البشر..
واذا كانت الرحمة سلوكا فرديا تشعر به في سلوكيات الناس ومشاعرهم فهى تمثل قيمة كبرى في حياة المجتمع..
ولهذا إذا غابت الرحمة انتشرت الكراهية والأنانية ورفض الآخرين ومن هنا تبدأ مراحل أخرى في السلوك أخطرها العنف لأن الأنانية لا تسمح للإنسان ان يشاركه احد ما يرى وما يشعر وما يملك..انه يريد كل شىء لنفسه وهذا النوع من الناس مكروه بين الجموع لأن الجماعة تقوم على التواصل والمودة..وحين ينتشر العنف تظلم الحياة ويفكر الإنسان بيديه ويغيب عقله ويتحول إلى مجرد آلة تحركها النزوات ابتداء بالشر وانتهاء بالحقد وما بين الشر والحقد تنشأ بيننا كائنات غريبة تحمل اسم البشر فلا تحكمها عقيدة ولا تحميها قيم ولا ترى في الحياة إلا تحقيق مطالبها..مع العنف يصبح التفكير آخر منطقة يلجأ إليها الإنسان لأن العنف يحجب مناطق الضوء في عقله..إذا حاولنا البحث عن نماذج العنف في حياة الناس سوف نكتشف ان هؤلاء البشر الذين مارسوا العنف كأسلوب حياة انطفأت في عقولهم قناديل الفكر وغابت مواكب الرحمة وما يحدث حولنا الآن يجسد هذه الحقائق هناك مجتمعات تخلت عنها الرحمة فظهرت حشود الكراهية وانتشرت أشباح العنف..في هذه الحالة يخسر الإنسان كل مقومات وجوده لأن العدل يختفى إذا غابت طيور الرحمة ومعها تسقط منظومة الحب ويجد الإنسان نفسه حائرا أمام حشود العنف..وتتحول الحياة إلى غابة تسكنها الكراهية وتعشش فيها أشباح الحقد.