فاروق جويدة
أسوأ ما ترك لنا العهد البائد هو منظومة فساد تأصلت وامتدت فى عشرات السنين حتى وصلت للنخاع..فى الانتخابات البرلمانية السابقة كان التزوير هو السمة الغالبة على لجان الانتخابات..وفى البرلمان الحالى كانت السمة الغالبة هى الرشاوى ولا شك أن الرشوة لم تعد من الأخطاء الجسيمة فى حياة المصريين ابتداء بالتعيين فى الوظائف وانتهاء بالمناقصات مرورا على الأعمال الصغيرة فى المكاتب والخدمات..فى الانتخابات الأخيرة تحدث الكثيرون عن شكاير الفلوس التى كانت توزع أمام اللجان حتى وصلت إلى ألف جنيه للصوت الواحد..وإذا كان العامل الصغير الغلبان يقبل على نفسه الرشوة حتى يذهب للأولاد بدجاجة أو كيلو لحم فماذا يقول عضو البرلمان الراشى وهو يدخل قاعة البرلمان ليتحدث باسم الشعب ويناقش هموم المواطنين وهو يعلم انه وضع بذورا للفساد قبل ان يدخل البرلمان..كيف يقف هذا العضو المحترم ليناقش وزيرا أو يستجوب مسئولا وهو يعلم انه جاء على باطل وضلل الشعب واشترى الأصوات وقبل هذا كله باع ضميره..لا تلوموا الرئيس عبد الفتاح السيسى بسبب مواكب الرشوة التى سيطرت على الانتخابات فهل كان مطلوبا من الرجل ان يعين حارسا على كل مواطن..وماذا سيفعل فى شهور قليلة مع منظومة فساد تشكلت من نفوس فاسدة وضمائر ميتة..ماذا سيفعل أمام مجتمع تهاوت فيه كل القيم والأخلاق وتم تجريفه من كل شىء..ان أفواج الفائزين بالرشاوى التى ستتدفق فى البرلمان الجديد تدرك حجم جرائمها ان من هؤلاء بقايا العهد البائد وهذه الرشاوى حصيلة مال حرام تكدس بالباطل من نهب الأراضى وبيع أصول الدولة وأعمال السمسرة والعمولات وكلها وسائل غير مشروعة استباحت مال هذا الشعب..نحن مازلنا نعيش فى تراث الماضى البغيض وهذا التراث لن يتغير بين يوم وليلة سوف يحتاج زمنا طويلا حتى نتخلص منه..ماذا يفعل اى نظام جديد أمام منظومة فساد طالت كل شىء..ما حدث فى رشاوى الانتخابات يؤكد ان أمامنا مشوارا طويلا حتى نصل إلى شىء يسمى الديمقراطية..نحتاج نهجا سليما ونحتاج قيما حقيقية ونحتاج مسئولين على مستوى المسئولية ونحتاج ان نتخلص فعلا من بقايا هذا الماضى القبيح وقبل هذا كله نحتاج صحوة للضمائر.