فاروق جويدة
لم يكن سعيد صالح فنانا عاديا بل كان تجربة فريدة ومميزة فى تاريخ المسرح المصرى الحديث ان سعيد صالح يمثل فى دنيا الفن الموهبة الحقيقية بعيدا عن اى مؤثرات اخرى تصنع او تشارك فى صنع نجومية الفنان.
هو فنان فقط..ولا يعنيه بعد ذلك هل اهتم به الإعلام هل ساندته أموال المغامرين فى سوق الفن هل وجد نقدا يدفعه للأمام كل هذه الوسائل لم تشارك فى صنع سعيد صالح..كان ظهوره على المسرح واستقبال الجمهور له وأداؤه الفطرى المميز رسالة تضمن له التواصل مع الناس فى كل الظروف والأحوال..احيانا كنت اعتقد ان سعيد صالح يستطيع ان يقدم فقرة فنية كاملة مرتجلا بلا نص او مخرج او ديكور ان سعيد صالح ينتمى الى مدرسة المواهب الحقيقية فى الفن المصرى التى ملكت الموهبة الحقيقية..من اهم رموز هذه المدرسة الفنان احمد زكى رغم الاختلاف الشديد بينهما فى حجم الموهبة ونوعيتها..وهذه المدرسة تضم اكثر من لون فى المسرح والغناء والشعر..هناك اصوات خلقت لكى تغنى وهى فى حد ذاتها تملك كل عناصر الغناء الجميل..وهناك فنانون صنعتهم الموهبة وآخرون صنعتهم اشياء اخرى مساعدة لقد قام تاريخ الفن فى مصر على المواهب وليس على رؤوس الأموال..
كان سعيد صالح واحدا من تلاميذ هذه المدرسة.. وقد انتقل كثيرا فى سراديب الفن ما بين السينما والمسرح وان كان على المسرح حالة فريدة فى حضورها وتميزها..لقد ادى ادوارا عادية فى السينما والمسلسلات إلا انه فى المسرح كان وحيد زمانه فى الحضور والآداء والتواصل مع الناس .. منذ بداياته فى مدرسة المشاغبين مع هذه النخبة واستطاع سعيد صالح بعد ذلك ان يثبت قدراته مع نجوم كبار وقد جنحت به الحياة كثيرا وكنت دائما اعتقد انه ظلم موهبته وكان من الممكن ان يصعد فى سلم النجومية درجات اكبر واوسع واشمل وفى السنوات الأخيرة من حياته عاش ظروفا صعبة خاصة بعد تجربة مريرة فى السجن عطلت مسيرته الفنية وغيرت اسلوب حياته امام المرض والحاجة كان فنانا حتى النخاع وموهوبا الى ابعد مدى..ولكن هذه هى الحياة.