فاروق جويدة
قرأنا الكثير من قصص الفساد فى المجتمع الأمريكى بين المسئولين ورجال الأعمال ولكننا فى الوقت نفسه قرأنا الأكثر عن مسئولين كبار وقفوا أمام العدالة ونالوا جزاءهم حتى ولو كانوا رؤساء لأكبر دولة فى العالم، حدث هذا مع نيكسون وكلينتون..وقد نشرت الصحف الأمريكية أخيراً قصة إنسانية عن جو بايدن نائب الرئيس اوباما ان الرجل فكر ان يبيع بيته من اجل توفير نفقات علاج ابنه بو المريض بالسرطان والذى مات فى شهر مايو الماضي..واعترف بايدن ان الرئيس اوباما حين علم بالقصة عرض ان يقدم لنائبه مساعدة مالية لمواجهة نفقات العلاج وانتهت القصة برحيل الابن..توقفت كثيرا عند هذه الحكاية كيف يفكر نائب الرئيس ان يبيع بيته من اجل إنقاذ حياة ابنه وأمامه ألف مصدر يستطيع ان يحصل منها على المال الذى يريد ابتداء بخزائن رجال الأعمال وانتهاء بالمؤسسات المالية الضخمة..ان الرجل يستطيع ان يضع يديه فى اى مكان ويأخذ كل ما يحتاج ولكنها الدولة والمسئولية والأمانة والقانون.. ان يفكر فى بيع بيته وهو فى هذا المنصب الرفيع ولا يجد امامه غير عرض من رئيس الدولة بالمساعدة.. والشىء المؤكد ان اوباما لا يملك ان يقدم له مالا من أموال الشعب ولكنها مساعدة شخصية من ماله الخاص..هذا هو الفرق بين مسئول يتصرف فى أموال الشعب على أساس إنها ماله الخاص ومسئول يرى أن هذا المال أمانة يجب ان يحافظ عليها وألا يختلط الخاص بالعام..فى يوم من الأيام ثارت الدنيا لأن أحد كبار المستشارين بالبيت الأبيض قبل هدية من اليابان ثمنها ألف دولار..وفى أمريكا لا يقبل المسئولون الهدايا الثمينة ويقدمونها للدولة..ان القضية هنا ليست قضية الحرية والديمقراطية ورقابة الشعب على امواله ولكنها قضية الإنسان بين الترفع والدناءة وبين المسئولية والوضاعة.. وهذا يحتاج إلى أخلاق وتربية وان تفرق بين الحرام والحلال وبين حقك وحقوق الآخرين وهذا ما قاله رسول كسرى لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين رأه ينام فى احد جنبات الطريق حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر، والسيد بايدن أخذ من الإسلام أعظم ما فيه وهى الأمانة.