فاروق جويدة
فى زمان مضى أقام أثرياء مصر المستشفيات والمدارس والمتاحف من مالهم الخاص..بل إن جامعة القاهرة درة الجامعات المصرية والعربية أقامتها الأميرة فاطمة ابنة الخديو إسماعيل ومن اجلها باعت مجوهراتها وتبرعت بالأراضى التى أقيمت عليها الجامعة وكانت مساحتها 650 فدانا..تذكرت هذه القصص وأنا أقرأ خبرا عن مطعم أقيم فى مدينة 6 أكتوبر يقدم وجبات مجانية للمواطنين غير القادرين وحمل عنوان فاعل خير بحيث يتقدم الشخص إلى إدارة المطعم ويطلب الطعام الذى يريد دون أن يدفع شيئا..ولقد اسعدتنى كثيرا هذه المبادرة وأتمنى أن نجدها فى أكثر من مكان فهناك كثيرون يجلسون على الأرصفة بلا عمل أو دخل أو طعام وهناك أطفال يفتشون فى صناديق القمامة عن بقايا فضلات البيوت..وأتمنى أكثر أن يزداد عدد المشاركين فى هذه اللفتة الإنسانية.
فى يوم من الأيام كنا مجتمعا يعرف الرحمة فى الأرياف كان الجيران يقتسمون الطعام وكان للفقير حق لدى جيرانه فى كل شئ وكان من الصعب أن ينام إنسان وهو يعلم أن أبناء جاره ناموا بلا عشاء..وكان القادرون من أبناء مصر يقدمون المساعدات للفقراء فى الأعياد حيث توزع اللحوم والملابس وحاجات العيد وفى المناسبات الدينية يجلس الجميع حول مائدة طعام واحدة..وكنت تجد بين هؤلاء من يتبرع بقطعة أرض لتقام عليها مدرسة أو مستوصف أو مسجد كان المجتمع أكثر رحمة لأن الأثرياء كانوا أكثر نبلا وترفعا وأخلاقا.
ما حدث فى مطعم الدنيا بخير فى مدينة 6 أكتوبر لمحة مصرية أصيلة تعيد لنا صور الزمان الجميل قبل أن تسطو علينا أشباح الجشع والنهب والمال الحرام حين استباح مجموعة من الأشخاص ثروات هذا الشعب وحرموا الملايين من حقهم فى حياة كريمة أرجو أن أجد هذا النموذج فى أكثر من مدينة وأكثر من شارع وان يسارع القادرون إلى تنمية هذه الفكرة ولنبدأ بالطعام ثم بعد ذلك ننتقل إلى مجالات أوسع فى إنشاء مدرسة او التخلص من القمامة أو إقامة مستوصف لعلاج الفقراء بلا مقابل..مطلوب فاعل خير فى كل شىء وهذا ليس منة من احد ولكنه حق الفقراء على القادرين.
نقلاً عن "الأهرام"