فاروق جويدة
شئ جميل أن ترى زهرة جميلة تتسلل الى خريف ايامك وتطل عليك بإبتسامة صافية تصافح وحشة العمر، وصقيع الأيام..
شئ جميل ان تجد يدا تمتد اليك وعواصف الزمن تعصف بك من كل جانب..فى أحيان كثيرة تفقد الأمل فى الحياة والناس والأشياء..تبخل علينا الحياة بحلم يمنحنا القدرة على الاستمرار..تتضاءل مشاعر الناس وتتحول الحدائق الجميلة الى صحراء موحشة فلا تجد من الناس غير الجحود والكراهية..وتصغر الأشياء أمام عينيك، تصبح القصور اكواخا وتصبح الأنهار شواطئ حزينة يملؤها الخوف وعدم الأمان، وتصبح الحشائش اشجارا وتتساقط امام عينيك فيبدو النخيل أشلاء ممزقة وتبدو الثمار أطلالا..ويبدو الربيع بقايا جمال رحل..حين ترى كل ذلك تفقد القدرة على الحوار لأنك لا تجد من تخاطبه..تضيق العيون فلا ترى ما بقى من ساحات الجمال ويضيق الزمن فيفقد الإنسان تواصله مع الحياة..ساعتها تتمنى لو أن بقايا ضوء تسللت الى وحشة ايامك..لو ان قلبا رقيقا اقتحم كل هذه التلال من الحزن والكآبة واهداك لحظة امن وأمان..لو أن وجوه الناس تسامحت وابتسمت ورأيت فى ملامحها شيئا من القناعة والرضا..وسط هذا الركام المخيف تجد من يمنحك الأمل وسط صحراء اليأس الموحشة..وتجد زهرة برية صغيرة تنبت على شواطئ أيامك وترى الشمس تمد أشعتها الذهبية وتمنحك زهرتك الوحيدة شيئا من الدفء يعينك على استكمال رحلة الحياة..لا تيأس إذا حاصرتك الوجوه العابثة وابحث فيها عن ابتسامة وحيدة تنتظرك فى آخر السرداب المظلم..لا تتصور أن الحياة قد انتهت لأنك وجدت من الناس مالا تنتظر..إذا كان للشر أوكار كثيرة فمازالت للخير مساحات شاسعة فى قلوب الناس..وإذا كانت للقبح أماكن يأوى اليها فإن للجمال عشاقا ومحبين.. زهرة وحيدة صافحتنى ومنحتنى الكثير من الأمل فى أن الجمال من صنع البشر وأن الإنسان قادر على ان يواجه الحياة كما يحب وكما يريد، حاول أن تقترب من كل من يهديك وردة ويحيى داخلك مواكب الجمال مرة اخرى..وإذا كنا قد عشنا أياما صعبة مع وجوه لا تستحق أن نعيش معها فإن المستقبل سوف يحمل لنا وجوها أخرى تدرك معنى الحياة وقيمة الأمل وروعة الجمال
"الأهرام"