فاروق جويدة
حين خلق الله سبحانه وتعالى آدم وحواء عليهما السلام لم يكن لهما نسب ولا أصل إنسانى ولكن الحب جمع بينهما ليكون أول أساس تبنى عليه رحلة الإنسان في الحياة..
وحين ودع سيدنا إبراهيم عليه السلام زوجته هاجر وداعا حزينا وهو يتركها في قلب الصحراء مع وليدها كانت رحلة حب في اطهر مكان..وحين وقفت السيدة خديجة رضوان الله عليها مع رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام وهو يواجه كفار مكة كان صادقا وهو يقول عنها بعد رحيلها «والله ما عوضنى الله خيرا منها» رغم حبه الشديد للسيدة عائشة رضوان الله عليها، وحين أوصى الرسول بأقباط مصر خيرا فقد كان ذلك اعترافا بقيمة حياته مع مارية هدية المقوقس وام ابنه ابراهيم..ان هذا يعنى ان الحب كان وسيبقى فريضة إلهية ورسالة كونية سبقت كل الرسالات، فقد شرعه الله سبحانه وتعالى قبل أن تهبط الرسالات ويعرف الناس الصوم والصلاة والشرائع..خلق الله الحب في كل الكائنات ولم يقتصر على سيد المخلوقات وهو الإنسان..ان الزهور تحب وتتكاثر وتعبر الآفاق لتنجب زهرة جديدة..والحيوانات تعرف الحب ومن الحب عرفت الرحمة ومن الرحمة كان الحنان..ومن يشاهد الأشجار الكبيرة وهى تحنو على جذورها وفروعها الصغيرة حتى تصبح أشجارا يدرك ان كل شىء في هذه الحياة قام على الحب، أليست ثورة الأمواج مع بعضها وعلى بعضها لحظات حب تنعش البحار وتعيد لها النبض والمشاعر..أليس تزاحم الجبال وصدامها أو انشقاقها لحظات حب أو خصام..أليس انشقاق الأرض وتكوين الجزر والشواطئ لحظات حب وفراق بين مخلوقات الله..حين زرع الخالق سبحانه وتعالى أشجار الحب على الأرض وتعلم الإنسان منها كل الأشياء الجميلة عرف الرحمة وهى نبع من روح الخالق سبحانه وعرف الحنان والتكامل والتواصل ومعنى الأمن والاستقرار ومن هذا كله كانت الأمومة أجمل المشاعر الكونية بين البشر وكل المخلوقات وعرف البنوة وهى استمرار للحياة واكتمال لمنظومة الخلق..ومن هذه الينابيع الصافية عرف الفضيلة حين شاهد ضوء الشمس وعرف الخطيئة وسط سحابات الظلام..وسط هذا كله عرف الإنسان نفسه وبأنه أرقى مخلوقات الله وأعلاها قدرا.