توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قضايا الوطن .. بين الرئيس والمثقفين

  مصر اليوم -

قضايا الوطن  بين الرئيس والمثقفين

فاروق جويدة

كانت المرة الأولى التى اجلس فيها ضمن نخبة من مثقفى مصر مع الرئيس عبد الفتاح السيسى التقينا منذ سنوات فى بداية ثورة يناير مع عدد من اعضاء المجلس العسكرى كان اللواء السيسى واحدا منهم وكنا مجموعة صغيرة من اهل الفكر والثقافة .
كنت فى حاجة الى جرعة من التفاؤل وانا اسمع رئيس مصر وصاحب القرار فيها وكنت اعلم ان الرئيس عبد الفتاح السيسى ليس مدينا لأحد إلا للمواطن المصرى الذى منحه ثقته فلم يكن له انتماء سياسى قديم او حديث .. ولم يقترب من شواطئ السياسة ولم يكن عضوا فى حزب سياسى وكان رجلا عسكريا محترفا ينتمى الى واحدة من اقدر المؤسسات التى عرفتها مصر وهى جيش مصر الباسل .. توقفت فى الحوار الذى امتد خمس ساعات عند مجموعة قضايا مهمة سواء طرحتها نخبة المثقفين او جاءت على لسان الرئيس السيسى طرحا او تعقيبا او تساؤلا ..

 كان الرئيس حريصا على ان يؤكد ايمانه بدور المثقفين عقل الأمة ووجدانها وان قوة مصر الناعمة لا بد ان تستعيد قواعدها ودورها وان على النخبة المصرية مسئولية كبيرة فى ذلك .. وقال الرئيس إنه سيقدم كل الوان الدعم المادى والمعنوى لتأكيد هذا الدور والحرص عليه وانه على استعداد لأن يخصص لقاء اسبوعيا مع المثقفين لطرح جميع القضايا التى تهم الوطن وان كتائب الثقافة المصرية لابد وان تكون فى طليعة القوى الوطنية التى تقود مسيرة الوطن ولم يخل الحديث عن تلك الاسماء التى اضاءت عقل مصر فى الفن والفكر والابداع.
 دار حوار طويل حول قضايا التعليم فى مصر وان نقطة البداية لانطلاق مصر هى التعليم وان اول الطريق هو إصلاح احوال المدرس المصرى ابتداء بحياته وانتهاء بمظهره .. واكد الرئيس السيسى انه يتابع كل تفاصيل حياة المدرس المصرى ويتمنى ان تحقق له الدولة مستوى معيشى وانسانى يتناسب مع دوره ورسالته .. وان التعليم هو اخطر ازمات مصر ابتداء بالأمية وانتهاء بمستوى الخريجين خاصة التعليم المتوسط الذى يحتاج الى ثورة حقيقية لتقديم ما تحتاجه مصر من اصحاب المهارات فى كل مجالات العمل .. وقال إن التعليم يحتاج الى حلول جذرية فى ميزانيته ومناهجه ومدرسيه وبرامجه وان الدولة لابد ان توجه كل امكاناتها من اجل تعليم عصرى لبناء انسان مصرى جديد.
 تحدثت امام الرئيس عن حالة الإنفلات والتسيب التى يعيشها الإعلام المصرى الذى افتقد لكثير من مصداقيته وان رأس المال يمثل خطرا حقيقيا على الرسالة الإعلامية وان الإعلام الخاص يحتاج الى متابعة وترشيد والتأكد من مصادر تمويله وان المسئولية تقع على اصحاب الفضائيات وان الإعلام وصل الى درجة من القوة والتأثير تحولت الى هاجس تخشاه مؤسسات الدولة والمطلوب ان يقوم هذا الإعلام بدوره فى الوعى والاستنارة وليس فى فتح ابواب الصراع والانقسام بين ابناء الوطن الواحد .. وقلت إن حالة الانقسام بين ثورة يناير وثورة يونيو تقع مسئوليتها على الفضائيات المصرية التى اشعلت الفتن وقسمت الشارع المصرى على نفسه .. وقلت لا يعقل ان يحصل رجال الأعمال على القروض والأراضى ويقيمون الفضائيات والصحف التى يشعلون بها الفتن وهذا يعنى ان الدولة تقدم الأموال لهؤلاء الذين تنكروا لدورهم فى بناء انسان اكثر وعيا واستنارة وقلت إن الإعلام الآن من اخطر المؤسسات التى تهدد استقرار الدولة المصرية.
 تحدثت عن القضاء وقلت إننى احمل له تقديرا خاصا وبعيدا عن الأحكام القضائية وهى لا ينبغى ان تناقش فأنا لا اتصور مثلا ان يصدر حكم بإعدام 500 مواطن فى قضية واحدة رغم بشاعة الجريمة ولكن هذه الأحكام الصادمة تجد صدى واسعا من الرفض والاستنكار فى الخارج وتسبب حرجا شديدا للدولة المصرية امام العالم وان على المجلس الأعلى للقضاء ان يتابع مثل هذه الأمور خاصة اننا نجد انفسنا امام براءات بالمئات واحكام بالإعدام على الآلاف وما بينهما يدور اكثر من سؤال لماذا كل هذا وما هى حيثيات مثل هذه الأحكام سواء كانت براءة ام إدانة ؟.
 لم انس ان اتناول امام الرئيس اموال الشعب التى ضاعت خلال ثلاثين عاما ما بين توزيع الأراضى وبيع اصول الدولة فى برامج الخصخصة خاصة ان الحقائق واضحة ومعروفة لدى المؤسسات الرقابية فى الدولة ولا يعقل ان نترك كل من سرق شيئا يهرب به بعيدا وطالبت بفتح ملفات الأموال الضائعة سواء كانت لدى رجال الأعمال او المسئولين السابقين .. الهاربون منهم والمقيمون .
كان حديث الرئيس يتنوع ويدور ثم يتوقف عند نقطة خطيرة وهى الحفاظ على الدولة المصرية بكل مؤسساتها وان إصلاح المؤسسات سوف يتم حتى لو اخذ بعض الوقت ولكن سقوط الدولة هو الخطر الحقيقى وان مصر لو سقطت لا قدر الله فسوف يحتاج العالم العربى الى خمسين عاما كى يستعيد توازنه وان المخاطر التى تهدد امن واستقرار مصر تمثل تهديدا للأمة العربية كلها .. وان واجبنا جميعا فى هذه المرحلة الصعبة ان نواجه فى الداخل والخارج كل من يشارك فى هذه المؤامرة الخبيثة التى تكشفت ابعادها واصبحت واضحة امامنا تماما.
 حين تحدثنا عن عودة اشباح الماضى اكد الرئيس السيسى انه لا عودة للوراء وكان يتمنى لو ان النظام السابق رحل بدون ثورة يناير لكان ذلك افضل لمصر فقد وصل بها الى حالة من التراجع زادت عليها اعباء وانقسامات الثورة وحالة الفوضى التى اعقبت رحيل النظام والذى كان ينبغى ان يرحل منذ خمسة عشر عاما.
وحين جاء الحديث عن عودة الفلول قال الرئيس إن الشعب المصرى بعد قيام ثورتين وعزل رئيسين لن يسمح لأحد ان يسلب ارادته مرة اخرى .. وانه على استعداد ان يترك المنصب فى اى لحظة إذا تعارض وجوده مع مصلحة المصريين ..وان المنصب يحمل قيمته بقدر ما يقدم للوطن والشعب مؤكدا ان مصر لن تسقط ابدا لأن الشعب المصرى قادر على حماية امنه واستقراره .

 كان الحديث عن جيش مصر حديثا مليئا بكل مشاعر التقدير والحب فقد استطاع الجيش ان يحمى ثورة يناير وان يصون ارادة الشعب فى ثورة يونيو ولم ينس الرئيس ان يشيد بدور المشير طنطاوى مؤكدا ان هذا الرجل قام بدور تاريخى لحماية امن مصر وسوف تكشف عنه الأيام .. وقال الرئيس إن الجيش وهو يخوض معركته ضد الإرهاب فى سيناء يخوض معركة البناء فى قناة السويس وانشاء الطرق والكبارى والبنية التحتية من خلال عشرات الشركات المدنية التى تعمل فى هذه المشروعات وان الشىء الذى يمتاز به آداء القوات المسلحة فى هذه المشروعات هو سرعة الإنجاز والتنفيذ وهى اهم متطلبات المرحلة لأننا لا نحتمل ابدا رفاهية التأجيل او التأخير او المماطلة فى هذه المرحلة الصعبة .
 حين جاء الحديث عن الخطاب الدينى والأخطاء التى وقعت فيها فرق الإسلام السياسى وكيف اساءت للإسلام والمسلمين قال الرئيس إن هذه التيارات واجهت حقيقتها بعد الف عام من الدوران خلف مفاهيم خاطئة ابعد ما تكون عن روح الإسلام وسماحته .. واكد اننا ينبغى ان نحرص على بقاء الأزهر كمؤسسة عريقة لها دورها ومسئوليتها وإن كانت هناك اخطاء فى الخطاب الدينى فيجب ان نعالجها بالحكمة والحوار وتقديم النموذج الصحيح للإسلام الحقيقى وان هذه المسئولية تقع على عاتق الأزهر الشريف .. وفى هذه القضية تحدث الرئيس ودخل فى تفاصيل كثيرة مؤكدا اعتزاز المصريين بسماحة دينهم ودور ازهرهم الشريف .
 كانت قضايا الشباب من اهم الجوانب التى شملها الحوار واكد الرئيس انه لا يعقل ان تكون بينه وبين شباب مصر اى فواصل لأنهم مستقبل هذا الوطن ولأنه يؤمن الى ابعد مدى بدور الشباب وان كل المجالات مفتوحة امامهم على المستوى السياسى والعملى والفكرى .. وفى إشارة واضحة كان الحديث عن قضية المخدرات وانها واحدة من اخطر ما تواجه مصر الآن .
لابد ان اعترف ان عبد الفتاح السيسى الجنرال الذى رأيته من اربع سنوات اختلف كثيرا عن عبد الفتاح السيسى الرئيس المهموم بقضايا وطنه لا اعتقد انه كان يتصور قبل ان يصبح رئيسا ان العبء بهذه الضخامة وان المسئولية بكل هذه الأزمات والمشاكل ولكنه فى كل الحالات قد رضى بقدره وهو يعتمد على عون من الله وإرادة شعب يريد ان يلحق بمواكب التاريخ بعد ان ضاعت عليه فرص كثيرة فى معركة التقدم .
اعترف ان لقاء الرئيس ترك عندى انطباعات كثيرة فهو الآن بعد شهور قليلة يدرك حجم الأزمة التى نعيشها والنفق الذى نعبر منه .. ولديه قناعة ويقين بأننا قادرون على ان نواجه ونتحدى وننجز وننتصر وان المصير الغامض الذى كان ينتظرنا قد تجاوزناه وبدأنا رحلتنا مع المستقبل .. قد تتأجل بعض المواقف .. قد لا تحسم نهائيا بعض القضايا امام الظروف الصعبة وقد نجد انفسنا امام اختبارات اصعب وقد ترتفع درجة المواجهة مع اطراف لا تريد لنا الاستقرار والأمن ولكن عبد الفتاح السيسى الرئيس الذى جلسنا معه خمس ساعات ولم يترك سؤالا إلا واجاب عليه يدرك بوعى كامل صعوبة اللحظة واعباء المرحلة .. وقد كنت دائما اعيب على صاحب القرار انه غير مهموم بشىء وانه فى وادى وشعبه فى واد آخر ولكن عبد الفتاح السيسى بأمانة شديدة يشعر بهم كل مواطن مصرى يعيش فى هذا الوطن .. ولهذا صافحت الرجل وعندى رصيد كبير من الأمل والتفاؤل ... اعانه الله على مشواره الطويل.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قضايا الوطن  بين الرئيس والمثقفين قضايا الوطن  بين الرئيس والمثقفين



GMT 09:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 09:10 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 09:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 09:06 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 09:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 09:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 08:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستقلال اليتيم والنظام السقيم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon