فاروق جويدة
لم أكن أحب حصة الرسم ونحن فى سنوات الدراسة وكنت أحيانا افقد ترتيبى بين الأوائل بسبب مادة الرسم ولم أكن اكره المادة ولكنى كنت أفضل الرسم بالكلمات عن الرسم بالخطوط والألوان وكنت أرى أن لوحة الكلمات هى الأبقى رغم أن رسوم قدماء المصريين بقيت على الجدران..
وكنت أفضل الموسيقى عن كل الفنون بما فيها الشعر حتى اختلفنا الموسيقار محمد عبدالوهاب وانا حول قضية الفنون، اى الفنون أعظم وقلت له يومها الموسيقى وقال عبدالوهاب الشعر لان فى الشعر كل الفنون فيه اللوحة مجسدة فى الصورة الشعرية وفيه الموسيقى مجسدة فى الإيقاع والأوزان وفيه الكلمة الشاعرة واقتنعت..وقد رسمت بالكلمات وجوها كثيرة بعضها اختفى خلف اوراقى وتسرب منى فى صخب الأيام وأحيانا أرى وجها يطل من بعيد فى كلمات القصيدة وأعود وأتذكر كل الملامح واكتشف انها مازالت تسكننى..وأجمل هدية تمنحها امرأة لشاعر أن تمنحه قصيدة..هناك امرأة تملك سراً مع الشعراء أن تغرى الشاعر بأن يرسمها بكلماته وتختفى المرأة وتبقى القصيدة..وقد تكون المرأة أجمل نساء الدنيا ولكنها لا تصنع بيتا واحدا من الشعر، والمؤرخون يؤكدون أن ليلى لم تكن جميلة ولكن قيس صنع منها أسطورة فى الجمال وكانت جورج صاند امرأة قبيحة الملامح تشبه الرجال ولكنها جعلت دى موسيه يكتب فيها أجمل لياليه ورغم هذا خانته وهو يعيش محنة المرض مع الطبيب الذى كان يعالجه فى ايطاليا، والمرأة المحظوظة فى الحب هى التى تحولت إلى قصيدة وقد يرى البعض فى ذلك أنانية لأن الشاعر يحب القصيدة أكثر مما يحب المرأة، أى انه يحب ذاته أولا وهذه حقيقة كل النساء فى حياة الشاعر بل كل حياته ووجوده مجرد قصائد، لان الحب يمضى..ولا يبقى غير الشعر، حتى الشاعر نفسه سوف ينسحب من الحياة مثل كل الناس والذى يبقى من الشاعر كلماته..وحينما يراجع الشاعر لوحاته التى رسمها بالكلمات يتذكر معها وجوها عبرت من أحب ومن صدق ومن خان ومن بقى على العهد، وكل صورة تحمل جزءا من سنوات العمر واحتراق المشاعر ولهفة القلب المتعب..ترحل كل الوجوه وتختفى كل الملامح وتبقى الكلمة.. يبقى الشعر