فاروق جويدة
منذ سنوات ثارت الدنيا لأن احد الناشرين حذف بعض الجمل من إحدى روايات كاتبنا الكبير إحسان عبد القدوس..وهناك تقليد شبه عالمى انه لا يجوز تعديل النصوص الإبداعية بعد رحيل أصحابها احتراما للتاريخ والإبداع والقيمة..هل يجوز الآن ان نضيف عملا جديدا لثلاثية نجيب محفوظ.
هل يجوز إضافة جزء ثان لأيام طه حسين..هل يجوز إضافة جزء خامس أو سادس لشخصية مصر لجمال حمدان هناك أعمال تنتهى بإسدال الستار على رحلة العمر..ان من حق المبدع ان يضيف إلى أعماله أو يحذف منها إذا أراد وهو على قيد الحياة أما بعد رحيله فلا يصح ابداً ان يصبح تراثه مستباحا للآخرين..أقول ذلك وقد فؤجئت بأن هناك فريق عمل من الكُتاب يستعد الآن لكتابة الجزء السادس من مسلسل "ليالى الحلمية" للكاتب المبدع الراحل أسامة أنور عكاشة.
وهذا سلوك غير حضارى وغير ثقافى ولا يجوز ان نتعامل مع كاتب بحجم أسامة أنور عكاشة بهذه الصورة المخجلة..كيف يتجرأ قلم مهما كانت قيمته على أن يضيف لما كتبه الرجل وهو الآن في رحاب ربه ؟! ان هذا القلم إذا كانت لديه القدرة فليكتب عملا آخر يحمل اسمه أما ان يضيف شيئا لما كتبه أسامة أنور عكاشة فهذا خطأ جسيم .
هل يستطيع احد الآن ان يغير كلمات أغنيات احمد رامى هل يستطيع احد ان يضيف بيتا من الشعر إلى قصيدة شاعر كبير أو حتى صغير .. كنت واحداً من عشاق أسامة أنور عكاشة وان لم اقترب منه كثيرا ولكنه بلا شك رائد من رواد الدراما التليفزيونية بلا منازع مع رفاق مشواره محفوظ عبد الرحمن ووحيد حامد ومحمد جلال عبد القوى ومصطفى محرم ويجب ان نحافظ على تاريخ الرجل.
ان الاستهانة بالرموز والتاريخ والقيمة تشوه الكثير من ثوابت حياتنا فى الفن والسلوك والحياة على المستوى الإبداعى الفكرة مرفوضة وعلى المستوى الاخلاقى الفكرة شاذة وعلى المستوى التاريخى هى إهانة لأحد الرموز المبدعة في الثقافة المصرية خاصة ان ليالى الحلمية هى درة أعمال الراحل الكبير أسامة أنور عكاشة..ارحموا الرجل في قبره.
نقلاً عن "الأهرام"