فاروق جويدة
يبدو ان مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان من جانب وإثيوبيا من جانب آخر قد دخلت مرحلة صعبة فى كثير من جوانبها وان إثيوبيا تتصور ان السد أصبح حقيقة واقعة وان على جميع الأطراف ان تقبل الأمر الواقع..لا شك ان هناك إحساسا عاما بأن المفاوض المصرى ليس فى أفضل الظروف وان ما بقى لدينا من أوراق يبدو قليلا أمام حالة ارتباك سيطرت على المفاوضات..ان إثيوبيا لا تريد ان تعترف بأن قضية المياه قضية سياسية تتعلق بالأمن القومى المصرى السودانى وان ذلك يلزم الجانب الأثيوبى لتحديد مسبق لكميات تخزين المياه أمام السد وسنوات التخزين وحصة مقنعة لحقوق مصر والسودان من المياه طبقا للاتفاقيات الدولية.. الغريب فى الأمر الآن ان أثيوبيا تعتقد أن اتفاق النوايا الذى تم فى الخرطوم يمثل اعترافا مصريا بإقامة السد ولهذا فإنها لا تعترف بالجانب السياسى فى المفاوضات لأنها تدور حول قضية المياه فقط وليس لها علاقة بالجوانب والحسابات السياسية.. تبدو المسافة الآن بعيدة جدا بين إثيوبيا ومصر حول سد النهضة خاصة ان معدلات العمل فى السد تسير بخطى سريعة جداً حتى وصل عدد العمال فيه إلى أكثر من 55 ألف عامل وتدفقت أموال كثيرة من جهات أجنبية للمشاركة فى تمويل السد أمام اعتقاد خاطئ بأن مصر وافقت على السد..الخبراء المصريون فى المياه والسدود يصرون على ان القضية ليست مياه فقط ولكنها قضية حياة أو موت بالنسبة للمصريين فى حين تتصرف أثيوبيا على أساس ان النيل نهر أثيوبى دون النظر إلى حقوق الدول الأخري..لقد خصصت إثيوبيا اخيراً مليارا ونصف المليار دولار لزيادة الضمانات حول قوة احتمال السد ولكنها لا تتحدث عن معدلات التخزين أو مساحات الأراضى التى ستقوم بزراعتها أو سنوات ملء خزان السد وهى القضايا التى ستحدد فى النهاية ما يصل الى مصر والسودان من المياه فى مواسم الفيضان وفى المواسم العادية..وفى كل يوم تزداد القضية تعقيدا ان المطلوب الآن من مجلس الشعب المصرى ان يقف مع الحكومة فى اولى جلساته لكى يراجع كل ما تم فى المفاوضات السابقة.